للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِمَارِ، وَبَقِيَ الْوَكَالَةُ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ

بَابُ الصَّرْفِ عَنْوَنَهُ بِالْبَابِ لَا بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ (هُوَ) لُغَةً الزِّيَادَةُ. وَشَرْعًا (بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ) أَيْ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ وَمِنْهُ الْمَصُوغُ (جِنْسًا بِجِنْسٍ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسٍ) كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (وَيُشْتَرَطُ) عَدَمُ التَّأْجِيلِ وَالْخِيَارِ وَ (التَّمَاثُلُ) -

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الدُّرَرِ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَصِحُّ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِلْحَالِ وَفِيمَا كَانَ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْإِسْقَاطَاتِ وَالِالْتِزَامَاتِ وَالْوِلَايَاتِ، وَلَا تَصِحُّ فِي كُلِّ مَا أَمْكَنَ تَمْلِيكُهُ لِلْحَالِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِمَارِ) هُوَ الْمُرَاهَنَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِيهِ الْمُرَاهَنَةُ، وَالرِّهَانُ الْمُخَاطَرَةُ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُخَاطَرَةِ. وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ تَمْلِيكَاتٌ لِلْحَالِ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهَا بِالْخَطَرِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْقِمَارِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ الْوَكَالَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ التَّحْكِيمُ فَإِنَّهُ الَّذِي فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَتَعْلِيقُ كَوْنِهِ حُكْمًا بِالْخَطَرِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَى مُسْتَقْبَلٍ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلثَّانِي وَالْفَتْوَى عَلَى الثَّانِي اهـ وَهَكَذَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ عَدُّ الْوَكَالَةِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ فِيمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ وَكَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا مِمَّا لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ بَلْ قَدَّمْنَا جَوَازَ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ فَكَيْفَ لَا تَصِحُّ إضَافَتُهَا، نَعَمْ بَقِيَ فَسْخُ الْإِجَارَةِ عَلَى أَحَدِ التَّصْحِيحَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الصَّرْف]

لَمَّا كَانَ عَقْدًا عَلَى الْأَثْمَانِ وَالثَّمَنُ فِي الْجُمْلَةِ تَبَعٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ أَخَّرَهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: عَنْوَنَهُ بِالْبَابِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ عَنْوَنَهُ الْأَكْثَرُونَ بِالْكِتَابِ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ لِكَوْنِ الصَّرْفِ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ كَالرِّبَا وَالسَّلَمِ فَالْأَحْسَنُ مَا اُخْتِيرَ هَهُنَا. (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ) هَذَا أَحَدُ مَعَانِيهِ فَفِي الْمِصْبَاحِ صَرَفْته عَنْ وَجْهِهِ صَرْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَصَرَفْت الْأَجِيرَ وَالصَّبِيَّ خَلَّيْت سَبِيلَهُ وَصَرَفْت الْمَالَ أَنْفَقْته وَصَرَفْت الذَّهَبَ بِالدَّرَاهِمِ بِعْته، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ هَذَا صَيْرَفِيٌّ وَصَيْرَفٌ وَصَرَّافٌ لِلْمُبَالَغَةِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الصَّرْفُ فَضْلُ الدَّرَاهِمِ فِي الْجَوْدَةِ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَصَرْفُ الْكَلَامِ زِينَتُهُ، وَصَرَّفْته بِالتَّثْقِيلِ وَاسْمُ الْفَاعِلِ، مُصَرِّفٌ وَالصَّرْفُ التَّوْبَةُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» وَالْعَدْلُ الْفِدْيَةُ اهـ، زَادَ فِي الْقَامُوسِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قَوْلَهُ أَوْ هُوَ النَّافِلَةُ. وَالْعَدْلُ: الْفَرِيضَةُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ الْوَزْنُ. وَالْعَدْلُ الْكَيْلُ، أَوْ هُوَ الِاكْتِسَابُ. وَالْعَدْلُ: الْفِدْيَةُ أَوْ الْحِيلَةُ اهـ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى بَيْعِ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ لَكِنَّهُ فِي الشَّرْعِ أَخَصُّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ) ذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا فَسَّرْنَاهُ بِهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ بَيْعُ الْمَصُوغِ بِالْمَصُوغِ أَوْ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّ الْمَصُوغَ بِسَبَبِ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّنْعَةِ لَمْ يَبْقَ ثَمَنًا صَرِيحًا، وَلِهَذَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ وَمَعَ ذَلِكَ بَيْعُهُ صَرْفٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ التَّأْجِيلِ وَالْخِيَارِ) أَيْ وَعَدَمُ الْخِيَارِ: أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ كَمَا يَأْتِي. وَلَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَفْسُدُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>