للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْت: وَأَيَّدَهُ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بِمَا فِي وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ: رَجُلٌ فِي يَدِهِ دُكَّانٌ فَغَابَ فَرَفَعَ الْمُتَوَلِّي أَمَرَهُ لِلْقَاضِي فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِفَتْحِهِ وَإِجَارَتِهِ فَفَعَلَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ فَهُوَ أَوْلَى بِدُكَّانِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ خُلُوٌّ فَهُوَ أَوْلَى بِخُلُوِّهِ أَيْضًا، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَسَكَنَ فِي دُكَّانِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهَا وَرَجَعَ بِخُلُوِّهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَدَاءِ ذَلِكَ إنْ رَضِيَ بِهِ وَإِلَّا يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّكَّانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ بِلَفْظِهِ.

كِتَابُ الْكَفَالَةِ مُنَاسَبَتُهَا لِلْبَيْعِ لِكَوْنِهَا فِيهِ غَالِبًا وَلِكَوْنِهَا بِالْأَمْرِ مُعَاوَضَةَ انْتِهَاءٍ (هِيَ) لُغَةً الضَّمُّ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّاعِ كَفَلْته وَكَفَلْت بِهِ وَعَنْهُ وَتَثْلِيثُ الْفَاءِ. وَشَرْعًا (ضَمُّ ذِمَّةِ) الْكَفِيلِ (إلَى ذِمَّةِ) الْأَصِيلِ (فِي الْمُطَالَبَةِ مُطْلَقًا) بِنَفْسٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ كَمَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ

كَمَا سَيَجِيءُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَعُمُّ ذَلِكَ وَمَنْ عَرَّفَهَا بِالضَّمِّ فِي الدَّيْنِ إنَّمَا أَرَادَ تَعْرِيفَ نَوْعٍ مِنْهَا

ــ

[رد المحتار]

قَدَّمْنَا أَيْضًا هُنَاكَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرْنَا أَيْضًا عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ الْخُلُوِّ، وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ تَكَفَّلَ بِالْمَقْصُودِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْفَضْلِ وَالْجُودِ.

[كِتَابُ الْكَفَالَةِ]

ِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا فِيهِ غَالِبًا) الْأَوْلَى حَذْفُ اللَّامِ، وَالْأَوْلَى أَيْضًا كَوْنُهَا عَقِبَهُ غَالِبًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَوْرَدَهَا عَقِبَ الْبُيُوعِ؛ لِأَنَّهَا غَالِبًا يَكُونُ تَحَقُّقُهَا فِي الْوُجُودِ عَقِبَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَطْمَئِنُّ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ بِالثَّمَنِ، أَوْ لَا يَطْمَئِنُّ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فِي الْمَبِيعِ وَذَلِكَ فِي السَّلَمِ، فَلَمَّا كَانَ تَحَقُّقُهَا فِي الْوُجُودِ غَالِبًا بَعْدَهَا أَوْرَدَهَا فِي التَّعْلِيمِ بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ: وَلَهَا مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ بِالصَّرْفِ، وَهِيَ أَنَّهَا تَصِيرُ بِالْآخِرَةِ مُعَاوَضَةً عَمَّا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْأَثْمَانِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، ثُمَّ لَزِمَ تَقْدِيمُ الصَّرْفِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْبَيْعِ السَّابِقِ عَلَى الْكَفَالَةِ. (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الضَّمُّ) قَالَ تَعَالَى - {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: ٣٧]- أَيْ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ.

وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ» أَيْ ضَامَّ الْيَتِيمَ إلَى نَفْسِهِ.

وَفِي الْمُغْرِبِ: وَتَرْكِيبُهُ يَدُلُّ عَلَى الضَّمِّ وَالتَّضْمِينِ. (قَوْلُهُ: كَفَلْته وَكَفَلْت بِهِ وَعَنْهُ) أَيْ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْبَاءِ وَبِعَنْ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: يَتَعَدَّى إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي فِي الْأَصْلِ بِالْبَاءِ، فَالْمَكْفُولُ بِهِ الدَّيْنُ ثُمَّ يَتَعَدَّى بِعَنْ لِلْمَدْيُونِ وَبِاللَّامِ لِلدَّائِنِ. (قَوْلُهُ: وَتَثْلِيثُ الْفَاءِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ ابْنَ الْقَطَّاعِ حَكَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: كَفَلْت بِالْمَالِ وَبِالنَّفْسِ كَفْلًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَكُفُولًا أَيْضًا، وَالِاسْمُ الْكَفَالَةُ، وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ سَمَاعًا مِنْ الْعَرَبِ مِنْ بَابَيْ تَعِبَ وَقَرُبَ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّاعِ كَفَلْته وَكَفَلْت بِهِ وَعَنْهُ إذَا تَحَمَّلْت بِهِ اهـ ح. (قَوْلُهُ: ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ) الذِّمَّةُ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ بِهِ الْأَهْلِيَّةُ لِوُجُوبِ مَالِهِ وَعَلَيْهِ، وَفَسَّرَهَا فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِالنَّفْسِ وَالرَّقَبَةِ الَّتِي لَهَا عَهْدٌ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْعَهْدُ، فَقَوْلُهُمْ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ فِي نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ عَهْدِهَا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْحَالِ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: بِنَفْسٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُطَالَبَةِ ح. (قَوْلُهُ: أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ) زَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ، وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي الدَّيْنِ. قُلْت: وَكَذَا بِتَسْلِيمِ عَيْنٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ كَالْأَمَانَةِ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: كَمَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا هَلَكَ ضَمِنَ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ، كَالْمَبِيعِ فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ احْتِرَازًا عَنْ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ كَالْمَرْهُونِ وَغَيْرِ الْمَضْمُونِ أَصْلًا كَالْأَمَانَةِ، فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِأَعْيَانِهَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي كَفَالَةِ الْمَالِ ح. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَعُمُّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِتَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ بِهَا وَتَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ وَبِهِ يُسْتَغْنَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَرَّفَهَا بِالضَّمِّ فِي الدَّيْنِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَعْرِيفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>