للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ زَيْلَعِيٌّ وَنِكَاحٍ الْفَتْحُ.

(قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ) أَيْ مَذْهَبِهِ مَجْمَعٌ

ــ

[رد المحتار]

لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا لِعَدَمِ شَرْطِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ الصَّادِقَةُ فِي زَعْمِ الْقَاضِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَالْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ: بِشَهَادَةٍ قَالُوا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ فَأَنْكَرَ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ، وَالْمَرْأَةُ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ، وَلَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إذَا كَانَ ثَلَاثًا لِبُطْلَانِ الْمُحِيلَةِ لِلْإِنْشَاءِ قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ وَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْإِنْشَاءَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذْ قَضَى الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ وَهُنَا لَمْ يَقْضِ بِهِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِهِ، وَإِنَّمَا ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ زَيْلَعِيٌّ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا إجْمَاعًا بَحْرٌ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ النَّفَاذِ هُنَا فِي الْبَاطِنِ فَقَطْ تَأَمَّلْ.

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي وَإِنْ خَالَفَ رَأْيَهُ [تَنْبِيهٌ]

أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُحِلُّ مَا كَانَ حَرَامًا فِي مُعْتَقَدِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَخَاصَمَهَا إلَى قَاضٍ يَرَاهَا رَجْعِيَّةً بَعْدَ الدُّخُولِ، فَقَضَى بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً وَالزَّوْجُ يَرَى أَنَّهَا بَائِنَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ، فَإِنَّهُ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَيَحِلُّ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحِلُّ وَإِنْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَنْقُضُهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ رَأْيِهِ، وَهَذَا إذَا قَضَى لَهُ فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ الثَّلَاثِ وَالزَّوْجُ لَا يَرَاهُ، يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي إجْمَاعًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَهُ رَأْيٌ وَاجْتِهَادٌ فَلَوْ عَامِّيًّا اتَّبَعَ رَأْيَ الْقَاضِي سَوَاءٌ قَضَى لَهُ أَوْ عَلَيْهِ هَذَا إذَا قَضَى أَمَّا إذَا أَفْتَى لَهُ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ اهـ بَحْرٌ.

قُلْت: وَقَوْلُهُ: فَلَوْ عَامِّيًّا الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ فَيَشْمَلُ الْعَالِمَ وَالْجَاهِلَ تَأَمَّلْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْوَجْهُ عِنْدِي قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ الْقَضَاءِ بِالِاجْتِهَادِ الْكَائِنِ لِلْقَاضِي يُرَجِّحُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الزَّوْجِ، وَالْأَخْذُ بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنٌ وَكَوْنُهُ لَا يَرَاهُ حَلَالًا إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ الْقُرْبَانِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَمَّا بَعْدَهُ وَبَعْدَ نَفَاذِهِ بَاطِنًا فَلَا اهـ.

[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

(قَوْلُهُ: قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ) أَيْ فِي أَمْرٍ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِدَلِيلٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ رَأْيِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَى، وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ أَيْ لِمَذْهَبِهِ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا، فَلَوْ قَضَى بِخِلَافِهِ لَا يَنْفُذُ، لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ، وَيُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ اجْتَهَدَ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَرَاجِعْهُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَعَجُّبُ صَاحِبِ الْبَحْرِ مِنْ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْقَاضِي عَالِمًا بِالْخِلَافِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ سَابِقًا. مَطْلَبُ حُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٍ حُكْمٌ بِمَذْهَبِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَذْهَبِهِ) أَيْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَالْحَنَفِيِّ إذَا حَكَمَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ حُكْمًا بِخِلَافِ رَأْيِهِ، دُرَرٌ أَيْ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْإِمَامِ مَا قَالُوا بِقَوْلٍ إلَّا قَدْ قَالَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ مَنْظُومِي فِي رَسْمِ الْمُفْتِي عِنْدَ قَوْلِي فِيهَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>