للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِهِ بَعْدَ سُكُوتٍ فَلِلْأَخِيرِ اتِّفَاقًا وَعَطْفُهُ بَعْدَ سُكُوتِهِ لَغْوٌ إلَّا بِمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ عِرْسُهُ أَسْلَمْتُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ وَرَثَتُهُ قَبْلَهُ صُدِّقُوا) تَحْكِيمًا لِلْحَالِ (كَمَا) يُحَكَّمُ الْحَالُ (فِي مَسْأَلَةِ) جَرَيَانِ (مَاءِ الطَّاحُونَةِ) ثُمَّ الْحَالُ إنَّمَا تَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ.

(كَمَا فِي) (مُسْلِمٍ مَاتَ فَقَالَتْ عِرْسُهُ) الذِّمِّيَّةُ (أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ) فَأَرِثُهُ (وَقَالُوا بَعْدَهُ) فَالْقَوْلُ لَهُمْ لِأَنَّ الْحَادِثَ يُضَافُ لِأَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ.

[فَرْعٌ]

وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِسْلَامِ بَحْرٌ (قَالَ الْمُودَعُ) بِالْفَتْحِ (هَذَا) ابْنُ مُودِعٍ بِالْكَسْرِ (الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ دَفَعَهَا إلَيْهِ) وُجُوبًا كَقَوْلِهِ هَذَا ابْنُ دَائِنِي، قَيَّدَ بِالْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لَمْ يَدْفَعْهَا (فَإِنْ أَقَرَّ) ثَانِيًا (بِابْنٍ آخَرَ لَهُ لَمْ يُفِدْ) إقْرَارُهُ (إذَا كَذَّبَهُ) الِابْنُ (الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَيَضْمَنُ لِلثَّانِي حَظَّهُ إنْ دَفَعَ لِلْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ زَيْلَعِيٌّ.

(تَرِكَةٌ قُسِمَتْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِشُهُودٍ لَمْ يَقُولُوا نَعْلَمُ)

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ أَوْ بِهِ بَعْدَ سُكُوتٍ) أَيْ إذَا كَانَ السُّكُوتُ بَيْنَ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ إلَّا بِمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ) فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْأُخْرَى دَخَلَتْ الثَّانِيَةَ فِي الْيَمِينِ، بِخِلَافِ وَهَذِهِ الدَّارُ الْأُخْرَى وَلَوْ قَالَ وَهَذِهِ طَالِقَةٌ ثُمَّ سَكَتَ وَقَالَ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةَ وَكَذَا فِي الْعِتْقِ بَحْرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ تَحْكِيمًا لِلْحَالِ) أَيْ لِظَاهِرِ الْحَالِ.

(قَوْلُهُ كَمَا إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَوْجُودَةً فِيمَا كَتَبَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ جَرَيَانِ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْجَرَيَانِ بَلْ الِانْقِطَاعُ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ الْحَالُ إنَّمَا تَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ) فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَنْقُوضٌ بِالْقَضَاءِ بِالْأَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذَا كَانَ مَاءُ الطَّاحُونَةِ جَارِيًا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْحَالِ لِإِثْبَاتِ الْأَجْرِ قُلْنَا: إنَّهُ اسْتِدْلَالٌ لِدَفْعِ مَا يَدَّعِي الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْآجِرِ مِنْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ الْمُوجِبِ لِسُقُوطِ الْأَجْرِ. وَأَمَّا ثُبُوتُ الْأَجْرِ فَإِنَّهُ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ الْمُوجِبِ لَهُ فَيَكُونُ دَافِعًا لَا مُوجِبًا يَعْقُوبِيَّةٌ. وَفِي الْهَامِشِ عَنْ الْبَحْرِ: فَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ أَيْضًا وَلَا يُحَكَّمُ الْحَالُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ وَأَمَّا الْوَرَثَةُ فَهُمْ الدَّافِعُونَ وَيَظْهَرُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا اهـ.

. (قَوْلُهُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ الِاسْتِحْقَاقُ. وَحَاصِلُهُ إنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُمْ هُنَا أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا بِنَاءً عَلَى تَحْكِيمِ الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ.

[فَرْعٌ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ]

(قَوْلُهُ لِمُدَّعِي الْإِسْلَامِ) فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَبَوَاهُ ذِمِّيَّانِ فَقَالَا مَاتَ ابْنُنَا كَافِرًا وَقَالَ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُونَ مَاتَ مُسْلِمًا فَمِيرَاثُهُ لِلْوَلَدِ دُونَ الْأَبَوَيْنِ بَحْرٌ عَنْ الْخِزَانَةِ.

(قَوْلُهُ مُودِعِي) قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِالْبُنُوَّةِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا أَخُوهُ شَقِيقُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ وَهُوَ يَدَّعِيهِ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَخِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِابْنِ بِخِلَافِ الِابْنِ لِأَنَّهُ وَارِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمُرَادُهُ بِالِابْنِ مَنْ يَرِثُ بِكُلِّ حَالٍ فَالْبِنْتُ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ كَالِابْنِ. وَكُلُّ مَنْ يَرِثُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ فَهُوَ كَالْأَخِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ زَيْلَعِيٌّ) وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْفَتْحِ خِلَافًا لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ تَرِكَةٌ قُسِمَتْ إلَخْ) قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا إلَى الْأَصْلِ: الْوَارِثُ لَوْ كَانَ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لَا يُعْطَى شَيْئًا مَا لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ: أَيْ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ أَوْ يَشْهَدَا أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَلَوْ قَالَا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ تُقْبَلُ عِنْدَنَا لَا عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لِأَنَّهُمَا جَازَفَا وَلَنَا الْعُرْفَ فَإِنَّ مُرَادَ النَّاسِ بِهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ فَقُبِلَتْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الشَّرْطِ وَلَوْ نَفْيًا وَهُنَا كَذَلِكَ لِقِيَامِهَا عَلَى شَرْطِ الْإِرْثِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ بِأَحَدٍ، فَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَقُولَا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَا نَعْلَمُهُ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي زَمَانًا رَجَاءَ أَنْ يَحْضُرَ وَارِثٌ آخَرُ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ يَقْضِي لَهُ بِجَمِيعِ الْإِرْثِ وَلَا يَكْفُلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>