للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

لَمَّا قَدَّمَ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا ذَكَرَ مَنْ لَا يَكُونُ (قَالَ ذُو الْيَدِ هَذَا الشَّيْءُ) الْمُدَّعَى بِهِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا (أَوْدَعَنِيهِ أَوْ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ رَهْنَيْهِ زَيْدٌ الْغَائِبُ أَوْ غَصَبْته مِنْهُ) مِنْ الْغَائِبِ (وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ) عَلَى مَا ذُكِرَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ لَا هَالِكَةٌ وَقَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ بِوَجْهِهِ. وَشَرَطَ مُحَمَّدٌ مَعْرِفَتَهُ بِوَجْهِهِ أَيْضًا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَعْرِفُ فُلَانًا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا بِوَجْهِهِ لَا يَحْنَثُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ خَطِّ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ

ــ

[رد المحتار]

فَرْعٌ] رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ أَرْبَعَ قِطَعِ كِرْبَاسٍ لِيَغْسِلَهَا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ الْقَصَّارُ: ابْعَثْ إلَيَّ رَسُولَك لِأُنَفِّذَ لَك فَجَاءَ الرَّسُولُ بِثَلَاثِ قِطَعٍ فَقَالَ الْقَصَّارُ: بَعَثْت إلَيْك أَرْبَعَ قِطَعٍ وَقَالَ الرَّسُولُ: دَفَعَ إلَيَّ وَلَمْ يَعُدَّهُ عَلَيَّ يُقَالُ لِرَبِّ الثَّوْبِ صَدِّقْ أَيَّهُمَا شِئْت، فَإِنْ صَدَّقَ الرَّسُولَ بَرِئَ مِنْ الدَّعْوَى وَتُوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْقَصَّارِ إنْ حَلَفَ بَرِيء وَإِنْ نَكَلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الْقَصَّارَ بَرِئَ وَوَجَبَ الْيَمِينُ عَلَى الرَّسُولِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْقَصَّارِ إذَا حَلَفَ الْقَصَّارُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ، لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَفَ الْقَصَّارُ فَفِي زَعْمِهِ أَنَّهُ أَعْطَاهُ أَرْبَعَ قِطَعٍ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ وَلْوَالِجِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي.

[فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى]

(قَوْلُهُ أَوْدَعَنِيهِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْدَعَنِيهِ وَمَا بَعْدَهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى إيدَاعِ الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ النِّصْفُ لِي وَالنِّصْفُ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِفُلَانٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَتْ فِي الْكُلِّ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ اهـ بَحْرٌ. وَفِيهِ أَيْضًا وَأَفَادَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِي أَوْ هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَزِدْ لَا يَكُونُ دَفْعًا وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّفْعِ بِمَا ذُكِرَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا زَادَ وَقَالَ كَانَتْ دَارِي بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا أَوْ ذَكَرَ هِبَةً وَقَبْضًا لَمْ تَنْدَفِعْ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ أَوْ رَهَنِّيهِ زَيْدٌ) أَتَى بِالِاسْمِ لِعِلْمٍ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَوْدَعَنِيهِ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ لَمْ تَنْدَفِعْ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْغَائِبِ فِي الدَّفْعِ؛ وَكَذَا فِي الشَّهَادَاتِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فَلَوْ ادَّعَاهُ مِنْ مَجْهُولٍ وَشَهِدَا بِمُعَيَّنٍ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ تَنْدَفِعْ بَحْرٌ، وَفِيهِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَالْخَانِيَّةِ، لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ رَجُلًا دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ وَأَطْلَقَ فِي الْغَائِبِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بَعِيدًا مَعْرُوفًا يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ قَرِيبًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ) لَكِنْ لَا تُشْتَرَطُ الْمُطَابَقَةُ لِعَيْنِ مَا ادَّعَاهُ لِمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَلَا نَدْرِي لِمَنْ هُوَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، وَأَرَادَ بِالْبُرْهَانِ وُجُودَ حُجَّةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةً أَوْ عِلْمَ الْقَاضِي أَوْ إقْرَارَ الْمُدَّعِي كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ لَمْ يُبَرْهِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ كَانَ خَصْمًا، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا خُصُومَةَ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ الْعَيْنُ قَائِمَةٌ) أَخَذَ التَّقْيِيدَ مِنْ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ هَذَا الشَّيْءُ، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا إلَى مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ قَالَ فِي الْهَامِشِ: عَبْدٌ هَلَكَ فِي يَدِ رَجُلٍ، وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ الَّذِي مَاتَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ فُلَانٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ آجَرَهُ لَمْ يُقْبَلْ، وَهُوَ خَصْمٌ فَإِنَّهُ يَدَّعِي الْقِيمَةَ عَلَيْهِ وَإِيدَاعُ الدَّيْنِ لَا يُمْكِنُ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ فِي الْإِيدَاعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُدَّعِي. أَمَّا لَوْ كَانَ غَاصِبًا لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا فِي الْعَارِيَّةِ، وَالْإِبَاقُ مِثْلُ الْهَلَاكِ هَا هُنَا فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ يَوْمًا يَكُونُ عَبْدًا لِمَنْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ نَعْرِفُهُ) أَيْ الْغَائِبَ (قَوْلُهُ أَوْ بِوَجْهِهِ) فَمَعْرِفَتُهُمْ وَجْهَهُ فَقَطْ كَافِيَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ بَزَّازِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَشَرَطَ مُحَمَّدٌ) مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ الْخَصْمُ مِنْ مُعَيَّنٍ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، فَشَهِدَا لَهُ بِمَجْهُولٍ لَكِنْ قَالَا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ مِنْ مَجْهُولٍ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْرِيعَ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>