للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ لِشَبَهِهَا بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ

(لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَسْبِ التَّيْسِ) وَهُوَ نَزْوُهُ عَلَى الْإِنَاثِ (وَ) لَا (لِأَجْلِ الْمَعَاصِي مِثْلُ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْمَلَاهِي) وَلَوْ أُخِذَ بِلَا شَرْطٍ يُبَاحُ (وَ) لَا لِأَجْلِ الطَّاعَاتِ مِثْلُ (الْأَذَانِ وَالْحَجِّ وَالْإِمَامَةِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ) وَيُفْتَى الْيَوْمُ بِصِحَّتِهَا لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ.

ــ

[رد المحتار]

فَقَدْ أَضَرَّتْ بِأَحَدِهِمَا لِنُقْصَانِ اللَّبَنِ. (قَوْلُهُ وَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ) وَيَطِيبُ لَهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ إنْ أَرْضَعَتْ وَلَدَهُمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ وَيُطْرَحُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا تَخَلَّفَتْ تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ لِشِبْهِهَا بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ) جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ أَجِيرَ الْوَاحِدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ، فَإِنْ آجَرَ لَا يَسْتَحِقُّ تَمَامَ الْأَجْرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَيَأْثَمُ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إذَا قَالَ أَبُو الصَّغِيرِ: اسْتَأْجَرْتُكِ لِتُرْضِعِي وَلَدِي هَذَا سَنَةً بِكَذَا؛ لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَجِيرَةٌ مُشْتَرَكَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعَقْدَ أَوَّلًا عَلَى الْعَمَلِ وَإِنَّمَا يُشْكِلُ إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكِ سَنَةً لِتُرْضِعِي إلَخْ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعَقْدَ عَلَى الْمُدَّةِ أَوَّلًا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْأَجِيرَ الْوَاحِدَ فِي الرَّضَاعِ يُشْبِهُ الْمُشْتَرَكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُمْكِنُهُ إيفَاءُ الْعَمَلِ بِتَمَامِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْخَيَّاطِ، وَإِنْ كَانَ أَجِيرَ وَاحِدٍ فَتَأْثَمُ لِشِبْهِهَا بِأَجِيرِ الْوَاحِدِ وَلَهَا الْأَجْرُ كَامِلًا لِشِبْهِهَا بِالْمُشْتَرَكِ اهـ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَسْبِ التَّيْسِ) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِحْبَالُ.

مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْمَعَاصِي (قَوْلُهُ مِثْلُ الْغِنَاءِ) بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ الصَّوْتُ، وَأَمَّا الْمَقْصُورُ فَهُوَ الْيَسَارُ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ وَالنَّوْحِ) الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَعْدِيدُ مَحَاسِنِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَلَاهِي) كَالْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ، وَإِذَا كَانَ الطَّبْلُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ فَلَا بَأْسِ بِهِ كَطَبْلِ الْغُزَاةِ وَالْعُرْسِ لِمَا فِي الْأَجْنَاسِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ لَيْلَةَ الْعُرْسِ دُفٌّ يُضْرَبُ بِهِ لِيُعْلِنَ بِهِ النِّكَاحَ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِنْ كَانَ لِلْغَزْوِ أَوْ الْقَافِلَةِ يَجُوزُ إتْقَانِيٌّ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ يُبَاحُ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى: امْرَأَةٌ نَائِحَةٍ أَوْ صَاحِبَةُ طَبْلٍ أَوْ زَمْرٍ اكْتَسَبَتْ مَالًا رَدَّتْهُ عَلَى أَرْبَابِهِ إنْ عُلِمُوا وَإِلَّا تَتَصَدَّقُ بِهِ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ لَهَا: قَالَ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ لَا يَطِيبُ، وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ اهـ. قُلْتُ: وَهَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ الْأَخْذُ بِهِ فِي زَمَانِنَا لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَذْهَبُونَ إلَّا بِأَجْرٍ أَلْبَتَّةَ ط.

[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ] ١

ِ (قَوْلُهُ وَلَا لِأَجْلِ الطَّاعَاتِ) الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ طَاعَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ» وَفِي آخِرِ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «وَإِنْ اُتُّخِذْتَ مُؤَذِّنًا فَلَا تَأْخُذْ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا» وَلِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى حَصَلَتْ وَقَعَتْ عَلَى الْعَامِلِ وَلِهَذَا تَتَعَيَّنُ أَهْلِيَّتُهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ هِدَايَةٌ. مَطْلَبٌ تَحْرِيرٌ مُهِمٌّ فِي عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التِّلَاوَةِ وَالتَّهْلِيلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَيُفْتَى الْيَوْمَ بِصِحَّتِهَا لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - اسْتَحْسَنُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْيَوْمَ لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، فَفِي الِامْتِنَاعِ تَضْيِيعُ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَيْضًا فِي مَتْنِ الْكَنْزِ وَمَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَزَادَ فِي مُخْتَصَرِ الْوُقَايَةِ وَمَتْنِ الْإِصْلَاحِ تَعْلِيمَ الْفِقْهِ، وَزَادَ فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ الْإِمَامَةَ، وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى وَدُرَرِ الْبِحَارِ.

وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَالْوَعْظَ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مُعْظَمَهَا، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>