للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَحْقِيقُهُ فِي الدُّرَرِ وَلَيْسَ لِلْخَاصِّ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ عَمِلَ نَقَصَ مِنْ أُجْرَتِهِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فَتَاوَى النَّوَازِلِ

(وَإِنْ) (هَلَكَ فِي الْمُدَّةِ نِصْفُ الْغَنَمِ أَوْ أَكْثَرُ) مِنْ نِصْفِهِ (فَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً) مَا دَامَ يَرْعَى مِنْهَا شَيْئًا، لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ جَوْهَرَةٌ، وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بَقَاءُ الْأُجْرَةِ لَوْ هَلَكَ كُلُّهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِمَادِيَّةِ

(وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ بِعَمَلِهِ) كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ

ــ

[رد المحتار]

خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا بِدِرْهَمٍ فَسَدَ عِنْدَ الْإِمَامِ لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْوَقْتِ فَيُخَالِفُ مَا هُنَا، وَلِذَا قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَصِحَّتُهُ أَنْ يَلِيَ ذِكْرُ الْمُدَّةِ الْأَجْرَ اهـ.

قُلْتُ: وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ حَذْفِ قَوْلِهِ الْمُسَمَّى فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ وَتَحْقِيقُهُ فِي الدُّرَرِ) وَنَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَجِيرَ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ إنَّمَا يَكُونُ أَجِيرًا خَاصًّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَخْدُمَ غَيْرَهُ أَوْ لَا يَرْعَى لِغَيْرِهِ أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّةَ أَوَّلًا، نَحْوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا شَهْرًا لِيَرْعَى لَهُ غَنَمًا مُسَمَّاةً بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ.

أَقُولُ: سِرُّهُ أَنَّهُ أَوْقَعَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُدَّةِ فِي أَوَّلِهِ فَتَكُونُ مَنَافِعُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ فِيهَا أَيْضًا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَرْعَى الْغَنَمُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ فَيَصِيرُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّهُ مَنْ يَقَعُ عَقْدُهُ عَلَى الْعَمَلِ، وَأَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِي الْمُدَّةِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْمُدَّةِ لَا تَصِحُّ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَ الْعَمَلِ؛ بِأَنْ يَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُكَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلْحَصَادِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْأَوَّلِ بِالِاحْتِمَالِ فَيَبْقَى أَجِيرُ وَحْدٍ مَا لَمْ يُنَصَّ عَلَى خِلَافِهِ بِأَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنْ تَرْعَى غَنَمَ غَيْرِي مَعَ غَنَمِي وَهَذَا ظَاهِرٌ أَوْ أَخَّرَ الْمُدَّةَ بِأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمًا مُسَمَّاةً لَهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ شَهْرًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ شَهْرًا فِي آخِرِ الْكَلَامِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُدَّةِ فَيَصِيرَ أَجِيرَ وَحْدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِتَقْدِيرِ الْعَمَلِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِالِاحْتِمَالِ مَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ اهـ.

[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ] ١

َ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْخَاصِّ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ) بَلْ وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ. قَالَ فِي التتارخانية: وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يَوْمًا يَعْمَلُ كَذَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ آخَرَ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ السُّنَّةَ أَيْضًا. وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي نَفْلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: لَا يُمْنَعُ فِي الْمِصْرِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ، وَيَسْقُطُ مِنْ الْأَجِيرِ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَإِنْ قَرِيبًا لَمْ يُحَطَّ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا وَاشْتَغَلَ قَدْرَ رُبْعِ النَّهَارِ يُحَطُّ عَنْهُ رُبْعُ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ عَمِلَ نَقَصَ مِنْ أُجْرَتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي التتارخانية: نَجَّارٌ اُسْتُؤْجِرَ إلَى اللَّيْلِ فَعَمِلَ لِآخَرَ دَوَاةً بِدِرْهَمٍ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ آثِمٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُنْقَصُ مِنْ أَجْرِ النَّجَّارِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ فِي الدَّوَاةِ

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْجَوْهَرَةِ مَا دَامَ يَرْعَى مِنْهَا شَيْئًا لَا مَفْهُومَ لَهُ. وَرَأَيْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ مُرَادَ الْجَوْهَرَةِ تَحْقِيقُ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ بِذَلِكَ لَا شَرْطُ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ كَمَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُتُونُ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُهُ اهـ وَهُوَ حَسَنٌ. (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِمَادِيَّةِ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَصْرِيحِ الْمُتُونِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ.

[فَرْعٌ]

أَرَادَ رَبُّ الْغَنَمِ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا مَا يُطِيقُ الرَّاعِي لَهُ ذَلِكَ لَوْ خَاصًّا؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الرَّعْيِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ، وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَ عَبْدَهُ مِنْ الرَّعْيِ مَا يُطِيقُ تَتَارْخَانِيَّةٌ

(قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ) أَيْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِعَمَلِهِ: أَيْ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِعَمَلٍ فَعَمِلَ غَيْرَهُ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ. وَفِيهَا: وَإِذَا سَاقَ الرَّاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>