للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْفَسِخُ. وَفِي وَقْفِ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ إذَا آجَرَ النَّاظِرُ ثُمَّ مَاتَ فَأَجَابَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْوَقْفِ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ كَذَا رَأَيْتُهُ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي إجَارَةِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ فَتَنَبَّهْ.

وَفِيهَا أَيْضًا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ الْغَلَّةُ لَهُ بِمُفْرَدِهِ فَتَنَبَّهْ. وَفِي الْفَيْضِ الْوَاقِفُ لَوْ آجَرَ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ، فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ لِغَيْرِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: وَحُكْمُ عَزْلِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي كَالْمَوْتِ فَلَا تَنْفَسِخُ

(وَ) تَنْفَسِخُ أَيْضًا (بِمَوْتِ أَحَدِ مُسْتَأْجِرَيْنِ أَوْ مُؤَجِّرَيْنِ فِي حِصَّتِهِ) أَيْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ لَوْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ (فَقَطْ) وَبَقِيَتْ فِي حِصَّةِ الْحَيِّ.

[فَرْعٌ] فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ: تَخْلِيَةُ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَرْيَةً وَهُوَ بِالْمِصْرِ لَمْ يَصِحَّ تَخْلِيَتُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَنْبَغِي لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْقَرْيَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ، فَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ يُرْسِلُ وَكِيلَهُ أَوْ رَسُولَهُ إحْيَاءً لِمَالِ الْوَقْفِ فَلْيُحْفَظْ.

قُلْتُ: لَكِنْ نَقَلَ مُحَشِّيهَا ابْنُ الْمُصَنِّفِ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَنْ بُيُوعِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ مَتَى مَضَى مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا كَانَ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا فَتَنَبَّهْ اهـ.

ــ

[رد المحتار]

مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ تَنْفَسِخُ) ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ كَانَ لِنَفْسِهِ ح. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ إلَخْ) أَقُولُ: بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الْمُتُونِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي كَلَامِهِ النَّاظِرَ وَأَنَّهُ قَصَدَ الْجَوَابَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى إذَا آجَرَ النَّاظِرُ أَرْضَ الْوَقْفِ، وَالثَّانِيَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ النَّاظِرُ أَرْضًا مِنْ شَخْصٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ يَسْتَغِلُّهَا لِلْوَقْفِ ح. (قَوْلُهُ وَفِيهَا أَيْضًا) هَذَا أَيْضًا مِمَّا يَرُدُّ عَلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ مُتَوَلِّيَ وَقْفٍ خَاصٍّ وَجَمِيعُ غَلَّتِهِ لَهُ، فَالْأَوْلَى ذِكْرُ ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنُ نُجَيْمٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَتَنَبَّهْ إلَى الرَّدِّ الْمَذْكُورِ ط.

(قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ فِي حِصَّةِ الْحَيِّ) وَلَا يَضُرُّهُ الشُّيُوعُ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) كَوَكِيلِهِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ. (قَوْلُهُ إحْيَاءً لِمَالِ الْوَقْفِ) ؛ لِأَنَّهُ بِدُونِ التَّسْلِيمِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّسْلِيمَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ يَجِبُ الْأَجْرُ، أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا يَجِبُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ ظَاهِرَ الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدَةِ بِالتَّمَكُّنِ، فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَنْ بُيُوعِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ) وَنَصُّهَا: سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِبَلْدَةٍ وَهُمَا بِبَلْدَةٍ أُخْرَى وَبَيْنَ الْبَلْدَتَيْنِ مَسَافَةُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا، بَلْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَ الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعِ التَّخْلِيَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِيَتَسَلَّمَ، فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ التَّخْلِيَةُ كَالتَّسْلِيمِ.

أَجَابَ: إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِحَضْرَتِهِمَا وَقَالَ الْبَائِعُ: سَلَّمْتُهَا لَكَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي تَسَلَّمْتُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا مَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ قَرِيبَةً مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا وَالْإِغْلَاقِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ قَابِضًا، وَفِي مَسْأَلَتِنَا مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ قَابِضًا اهـ.

[مَطْلَبٌ فِي تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ] ١

وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ تَخْلِيَةَ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ كَمَا هُوَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَفِي ابْنِ الْهُمَامِ قُبَيْلَ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَدْ أَطْنَبْنَا فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَالدُّخُولِ فِيهَا) أَقُولُ: فَائِدَةُ ذِكْرِهِ حُصُولُ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، إذْ لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا لِوُجُودِ غَاصِبٍ وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الدُّخُولَ نَفْسَهُ شَرْطٌ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>