للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مِنْ) أَوَّلِ (طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي) وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُنْتَشِرُ الْمُسْتَطِيرُ لَا الْمُسْتَطِيلُ (إلَى) قُبَيْلِ (طُلُوعِ ذُكَاءَ) بِالضَّمِّ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ اسْمُ الشَّمْسِ.

(وَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ مَيْلِ ذُكَاءَ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ (إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ) وَعَنْهُ مِثْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَالَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ: وَبِهِ نَأْخُذُ. وَفِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ: وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ. وَفِي الْبُرْهَانِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ. لِبَيَانِ جِبْرِيلَ. وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ. وَفِي الْفَيْضِ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَبِهِ يُفْتَى (سِوَى فَيْءٍ)

ــ

[رد المحتار]

كَانَ يَخْرُجُ إلَى حِرَاءٍ فِي كُلِّ عَامٍ شَهْرًا يَتَنَسَّكُ فِيهِ " قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا التَّعَبُّدَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الِانْعِزَالِ عَنْ النَّاسِ وَالِانْقِطَاعِ إلَى اللَّهِ وَالْأَفْكَارِ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ: كَانَتْ عِبَادَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حِرَاءٍ التَّفْكِيرَ، اهـ مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ طُلُوعِ إلَخْ) زَادَ لَفْظَ أَوَّلِ اخْتِيَارًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَيَاضُ إلَخْ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَاللَّفْظُ لَهُ «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ وَلَكِنْ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ» " فَالْمُعْتَبَرُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ وَهُوَ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ: أَيْ الَّذِي يَنْتَشِرُ ضَوْءُهُ فِي أَطْرَافِ السَّمَاءِ لَا الْكَاذِبُ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ الَّذِي يَبْدُو طَوِيلًا فِي السَّمَاءِ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ أَيْ الذِّئْبِ ثُمَّ يَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ.

[فَائِدَةٌ] ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ الْكَامِلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى رِسَالَةِ الأسطرلاب لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ الْمُحَقِّقِ عَلِيٍّ أَفَنْدِي الدَّاغِسْتَانِيِّ أَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ وَكَذَا بَيْنَ الشَّفَقَيْنِ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ إنَّمَا هُوَ بِثَلَاثِ دُرَجٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَى قُبَيْلِ) كَذَا أَقْحَمَهُ فِي النَّهْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ الْغَايَةِ، لَكِنَّ التَّحْقِيقَ عَدَمُهُ لِكَوْنِهَا غَايَةَ مَدٍّ كَمَا سَبَقَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ. اهـ. إسْمَاعِيلُ.

(قَوْلُهُ: بِالضَّمِّ) أَيْ وَبِالْمَدِّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ح.

(قَوْلُهُ مِنْ زَوَالِهِ) الْأَوْلَى مِنْ زَوَالِهَا ط.

(قَوْلُهُ: عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ) أَيْ وَسَطِهَا بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَنَا ط.

(قَوْلُهُ: إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ نِهَايَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ بَدَائِعُ وَمُحِيطٌ وَيَنَابِيعُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ غِيَاثِيَّةٌ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ النَّسَفِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ تَصْحِيحَ قَاسِمٍ وَاخْتَارَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ، وَارْتَضَاهُ الشَّارِحُونَ، فَقَوْلُ الطَّحَاوِيِّ وَبِقَوْلِهِمَا نَأْخُذُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَمَا فِي الْفَيْضِ مِنْ أَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ مُسَلَّمٌ فِي الْعِشَاءِ فَقَطْ عَلَى مَا فِيهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ ح. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ بِالْمِثْلِ يَخْرُجُ وَقْتُ الظُّهْرِ وَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَّا بِالْمِثْلَيْنِ ذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَلَيْهَا فَمَا بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْمِثْلَيْنِ وَقْتٌ مُهْمَلٌ.

(قَوْلُهُ: مِثْلَهُ) مَنْصُوبٌ بِبُلُوغِ الْمُقَدَّرِ وَالتَّقْدِيرُ وَعَنْ الْإِمَامِ إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ مِثْلَهُ ح.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ) فِيهِ أَنَّ الْأَدِلَّةَ تَكَافَأَتْ وَلَمْ يَظْهَرْ ضَعْفُ دَلِيلِ الْإِمَامِ، بَلْ أَدِلَّتُهُ قَوِيَّةٌ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمُطَوَّلَاتِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يُعْدَلُ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ إلَى قَوْلِهِمَا أَوْ قَوْلِ أَحَدِهِمَا إلَّا لِضَرُورَةٍ مِنْ ضَعْفِ دَلِيلٍ أَوْ تَعَامُلٍ، بِخِلَافِهِ كَالْمُزَارَعَةِ وَإِنْ صَرَّحَ الْمَشَايِخُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ) أَيْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبِلَادِ، وَالْأَحْسَنُ مَا فِي السِّرَاجِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ إلَى الْمِثْلِ، وَأَنْ لَا يُصَلِّيَ الْعَصْرَ حَتَّى يَبْلُغَ الْمِثْلَيْنِ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَانْظُرْ هَلْ إذَا لَزِمَ مِنْ تَأْخِيرِهِ الْعَصْرَ إلَى الْمِثْلَيْنِ فَوْتُ الْجَمَاعَةِ يَكُونُ الْأَوْلَى التَّأْخِيرَ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ بَلْ يَلْزَمُ لِمَنْ اعْتَقَدَ رُجْحَانَ قَوْلِ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ نَاقِلًا عَنْ بَعْضِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ إمَامُ مَحَلَّتِهِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ قَبْلَ غِيَابِ الشَّفَقِ الْأَبْيَضِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَحْدَهُ بَعْدَ الْبَيَاضِ.

(قَوْلُهُ: سِوَى فَيْءٍ) بِوَزْنِ شَيْءٍ: وَهُوَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ، سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فَاءَ أَيْ رَجَعَ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ إلَى الْمَشْرِقِ، وَمَا قَبْلَ الزَّوَالِ إنَّمَا يُسَمَّى ظِلًّا، وَقَدْ يُسَمَّى بِهِ مَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَلَا يُسَمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>