للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ نَقَلَهَا لِمَكَانٍ ضَمِنَ الْمِثْلَ؛ لِأَنَّهُ غَصَبَهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْحِنْطَةُ بِغَيْرِ نَقْلٍ اهـ وَالْآجُرُّ قِيَمِيٌّ وَسَيَجِيءُ أَنَّ الْخَمْرَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ قِيَمِيٌّ حُكْمًا.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ كُلَّ مَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَقِيَمِيٌّ فَلْيُحْفَظْ (فَإِنْ ادَّعَى هَلَاكَهُ) مُرْتَبِطَةٌ بِوُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ وَرَدُّ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ مُخْلَصٌ عَلَى الرَّاجِحِ (حُبِسَ حَتَّى يَعْلَمَ) الْحَاكِمُ (أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ لَظَهَرَ) أَيْ لَأَظْهَرَهُ (ثُمَّ قَضَى) الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ) مِنْ مِثْلٍ وَقِيمَةٍ

[مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ]

(وَلَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ الْهَلَاكَ عِنْدَ صَاحِبِهِ بَعْدَ الرَّدِّ وَعَكْسُهُ الْمَالِكُ) أَيْ ادَّعَى الْهَلَاكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (وَأَقَامَا الْبُرْهَانَ فَبُرْهَانُ الْغَاصِبِ) أَنَّهُ رَدَّهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمَالِكِ (أَوْلَى) خِلَافًا لِلثَّانِي مُلْتَقًى، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ

ــ

[رد المحتار]

؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَصْبٌ مُتَقَدِّمٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَلَهَا لِمَكَانٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُجَرَّدُ تَحْوِيلِهَا عَنْ مَكَانِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ حَصَلَ بِالْإِتْلَافِ وَلَيْسَ سَابِقًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ حِينَ الْإِتْلَافِ لَمْ يَبْقَ مِثْلِيًّا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ سَابِقًا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ إلَخْ) أَيْ فِي وَسَطِهِ الْفَصْلُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْوِقَايَةِ: وَيَجِبُ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ.

قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: اعْلَمْ أَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ بَلْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ وَنَحْوِهِمَا. فَأَقُولُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَزْنِيِّ مَثَلًا مَا يُوزَنُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ مَا يَكُونُ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ، فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ هَذَا الشَّيْءُ بِدِرْهَمٍ إنَّمَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاوُتٌ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِثْلِيًّا، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ لَا يَكُونُ مِثْلِيًّا، ثُمَّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ إمَّا غَيْرُ مَصْنُوعٍ، وَإِمَّا مَصْنُوعٌ لَا يَخْتَلِفُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِثْلِيٌّ. وَإِذَا عَرَفْت هَذَا عَرَفْت حُكْمَ الْمَذْرُوعَاتِ وَكُلَّمَا يُقَالُ يُبَاعُ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ ذِرَاعٌ بِكَذَا فَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ تَفَاوُتٌ. وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ وَذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى ذَلِكَ، فَمَا يُوجَدُ لَهُ الْمِثْلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِيِّ وَأَخَوَاتِهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا اهـ (قَوْلُهُ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِسَبَبِهِ الثَّمَنُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُرْتَبِطَةٌ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَارْتِبَاطُهَا مِنْ جِهَةِ التَّفْرِيعِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَأَكْمَلُ فِي رَدِّ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، وَلِذَا يُطَالَبُ بِهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ، وَلَوْ أَتَى بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلِذَا يَبْرَأُ بِرَدِّ الْعَيْنِ بِلَا عِلْمِ الْمَالِكِ بِأَنْ سَلَّمَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى بِهِبَةٍ أَوْ إطْعَامٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إيدَاعٍ، وَقِيلَ هُوَ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ وَرَدُّ الْعَيْنِ مُخْلَصٌ وَلِذَا صَحَّ إبْرَاؤُهُ عَنْ الضَّمَانِ مَعَ قِيَامِ الْعَيْنِ، فَلَا يُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ. وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَغْصُوبِ وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ وَلَا الْكَفَالَةُ بِهَا وَتَمَامُهُ تَحْقِيقُهُ فِي التَّبْيِينِ. وَأَفَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ ضَعْفَ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الْجُمْهُورَ ذَهَبُوا إلَى الثَّانِي وَعَزَاهُ إلَى رَهْنِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي (قَوْلُهُ وَرَدُّ الْمِثْلِيِّ) الْأَصْوَبُ الْمِثْلُ بِلَا يَاءٍ (قَوْلُهُ حُبِسَ حَتَّى يَعْلَمَ) يَعْنِي الْقَاضِيَ لَا يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ، وَلَيْسَ لِمُدَّةِ التَّلَوُّمِ مِقْدَارٌ بَلْ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَهَذَا التَّلَوُّمُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَهُ، وَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ تَلَوَّمَ الْقَاضِي فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قِيمَتِهَا عَلَى شَيْءٍ أَوْ أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ قِيمَتِهَا قَضَى بِذَلِكَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقِيمَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ

(قَوْلُهُ وَعَكْسَهُ) فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ مَصْدَرٌ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْهَلَاكِ وَالْمُرَادُ عَكْسُ قَوْلِهِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَأَمَّا عَكْسُ قَوْلِهِ بَعْدَ الرَّدِّ فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إلَّا إنْ كَانَ الْهَلَاكُ بِهَلَاكِ الْبَعْضِ أَوْ بِالنُّقْصَانِ أَيْ هَلَاكِ الْوَصْفِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الرَّدُّ وَهُوَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَةُ لِمَنْ يَدَّعِي الْعَوَارِضَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وُجُوبَ الضَّمَانِ وَالْآخَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>