للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ بِمِنْ يُؤْذِيهِ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا يَدْفَعُ بِلَا رَفْعٍ) إلَى السُّلْطَانِ (أَوْ) سَعَى (بِمَنْ يُبَاشِرُ الْفِسْقَ وَلَا يَمْتَنِعُ بِنَهْيِهِ أَوْ قَالَ لِسُلْطَانٍ قَدْ يُغَرَّمُ وَقَدْ لَا يُغَرَّمُ) فَقَالَ (إنَّهُ وَجَدَ كَنْزًا فَغَرَّمَهُ) السُّلْطَانُ (شَيْئًا لَا يَضْمَنُ) فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ (وَلَوْ غَرَّمَ) السُّلْطَانُ (أَلْبَتَّةَ) بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ (ضَمِنَ وَكَذَا) يَضْمَنُ (لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ) أَيْ لِلسَّاعِي (وَبِهِ يُفْتَى) وَعَزَّرَ وَلَوْ السَّاعِي عَبْدًا طُولِبَ بَعْدَ عِتْقِهِ (وَلَوْ مَاتَ السَّاعِي فَلِلْمَسْعِيِّ بِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْخُسْرَانِ مِنْ تَرِكَتِهِ) هُوَ الصَّحِيحُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى. وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِسُقُوطِهِ مِنْ سَطْحٍ لِخَوْفِهِ غُرِّمَ الشَّاكِي دِيَتَهُ لَا لَوْ مَاتَ بِالضَّرْبِ لِنُدُورِهِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّرِقَةِ.

[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي]

(أَمَرَ) شَخْصٌ (عَبْدَ غَيْرِهِ بِالْإِبَاقِ أَوْ قَالَ) لَهُ (اُقْتُلْ نَفْسَك فَفَعَلَ) ذَلِكَ (وَجَبَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ) وَلَوْ قَالَ لَهُ أَتْلِفْ مَالَ مَوْلَاك فَأَتْلَفَ يَضْمَنُ الْآمِرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ بِأَمْرِهِ بِالْإِبَاقِ وَالْقَتْلِ صَارَ غَاصِبًا،؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَبِأَمْرِهِ بِالْإِتْلَافِ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ، بَلْ لِلْعَبْدِ وَهُوَ قَائِمٌ لَمْ يُتْلِفْ، وَإِنَّمَا التَّلَفُ بِفِعْلِ الْعَبْدِ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي (قَوْلُهُ أَوْ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا لَا ضَمَانَ فِيهِمَا اتِّفَاقًا لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ اهـ ط (قَوْلُهُ قَدْ يُغَرَّمُ وَقَدْ لَا يُغَرِّمُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ مِنْ مَزِيدِ الثُّلَاثِيِّ قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَالْفَتْوَى الْيَوْمُ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى السَّاعِي مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَقَالَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ إنَّهُ وَجَدَ كَنْزًا) زَادَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَظَهَرَ كَذِبُهُ ضَمِنَ إلَّا إنْ كَانَ عَدْلًا، أَوْ قَدْ يُغَرَّمُ وَقَدْ لَا يُغَرَّمُ وَرَمَّزَ أَيْضًا السِّعَايَةَ الْمُوجِبَةَ لِلضَّمَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَذِبٍ يَكُونُ سَبَبًا لِأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُ إقَامَةَ الْحِسْبَةِ كَمَا لَوْ قَالَ إنَّهُ وَجَدَ مَالًا وَقَدْ وَجَدَ الْمَالَ فَهَذَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَالَ بِهَذَا السَّبَبِ اهـ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) أَيْ دَفْعًا لِلْفَسَادِ وَزَجْرًا لَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَاشِرٍ، فَإِنَّ السَّعْيَ سَبَبٌ مَحْضٌ لِإِهْلَاكِ الْمَالِ وَالسُّلْطَانُ يُغَرِّمُهُ اخْتِيَارًا لَا طَبْعًا هَذَا وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة مَا يُفِيدُ أَنَّهُ وَرَدَ نَهْيٌ سُلْطَانِيٌّ عَنْ سَمَاعِ الْقُضَاةِ هَذِهِ الدَّعْوَى، فَإِنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالضَّمَانِ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ (قَوْلُهُ وَعُزِّرَ) قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ: وَقَدْ جَوَّزَ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ قَتْلَهُ فَإِنَّهُ مِمَّنْ يَسْعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَيُثَابُ قَاتِلُهُمْ، وَكَانَ يُفْتِي بِكُفْرِهِمْ وَمُخْتَارُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِكُفْرِهِمْ، وَجَوَازُ الْقَتْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا فِي الْقُطَّاعِ وَالْأَعْوِنَةِ مِنْ الْمُحَارَبِينَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ، فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةً فَحُبِسَ، فَسَقَطَ مِنْ السَّطْحِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْفَلِتَ خَوْفًا مِنْ التَّعْذِيبِ فَمَاتَ ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقُنْيَةِ شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ وَقِيلَ إنَّ مَنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي، فَكَيْفَ هُنَا فَقِيلَ أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ قَالَ لَا إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ غَرِمَ الشَّاكِي) أَيْ لَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ مِنْ عَدَمِ غَرَامَةِ الْأَمْوَالِ فَلْيَكُنْ مِثْلُهَا غَرَامَةُ النَّفْسِ سَائِحَانِيٌّ.

قُلْت: وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْعِمَادِيَّةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِمَا فِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَمَرَ قِنَّ غَيْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ رَجُلٍ يَغْرَمُ مَوْلَاهُ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى آمِرِهِ إذْ الْآمِرُ صَارَ مُسْتَعْمِلًا لِلْقِنِّ فَصَارَ غَاصِبًا قَالَ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقِنِّ، وَلَا عَلَى مَوْلَاهُ فِي إتْلَافِ مَالِ مَوْلَاهُ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْآمِرِ، بِخِلَافِ إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ لَكِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُلْطَانًا وَلَا مَوْلًى وَيَأْتِيَ خِلَافُهُ قَالَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّةَ هُوَ الضَّمَانُ الِابْتِدَائِيُّ الَّذِي بِطَرِيقِ الْإِكْرَاهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُبَاشِرَ لَا يَضْمَنُ ثَمَّةَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَافْتَرَقَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>