للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

مُنَاسَبَتُهَا ظَاهِرَةٌ (هِيَ) لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزَّرْعِ. وَشَرْعًا (عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ)

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: أَرْضٌ، وَبَذْرٌ، وَعَمَلٌ، وَبَقَرٌ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: عَدَّى اللُّزُومَ إلَى مَفْعُولَيْنِ بِالْهَمْزَةِ فِي بَنَاهُ وَهُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَبِاللَّامِ فِي الثَّانِي وَهُوَ لِصَاحِبِ وَيُقَالُ هَدَّ الْبِنَاءَ: إذَا هَدَمَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ الذَّخِيرَةِ إذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعٍ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُهُ عَلَى الْبِنَاءِ، وَيُقَالُ لِذِي الْعُلْوِ: إنْ شِئْت فَابْنِ السُّفْلَ مِنْ مَالِكَ لِتَصِلَ لِنَفْعِك فَإِذَا بَنَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَوْ أَمْرِ شَرِيكِهِ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، فَيُمْنَعُ صَاحِبُ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ جَبْرًا. وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ بِصُنْعِهِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْبِنَاءِ لِتَفْوِيتِهِ حَقًّا اُسْتُحِقَّ وَلِيَصِلَ صَاحِبُ الْعُلْوِ لِنَفْعِهِ وَنَظَمَ الشَّارِحُ التَّفْصِيلَ. وَالتَّصْحِيحَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: وَخُذْ مُنْفَقًا إلَخْ اهـ وَنَقَلَ الشَّارِحُ ابْنُ الشِّحْنَةِ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْجِدَارِ أَيْضًا فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَوْ الشَّرِيكِ فِي الْجِدَارِ، وَقَوْلُهُ كَحَاكِمٍ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ كَإِذْنِ حَاكِمٍ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِكَسْرِ هَمْزَةِ إنْ الشَّرْطِيَّةِ: أَيْ إنْ لَا إذْنَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَافْهَمْ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي قَدَّمَهَا الشَّارِحُ عَنْ الْأَشْبَاهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَاكَ عَدَمُ اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالسُّفْلِ وَالْجِدَارِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[كِتَابُ الْمُزَارَعَةُ]

ُ وَتُسَمَّى الْمُخَابَرَةَ وَالْمُحَاقَلَةَ، وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ الْقَرَاحَ، وَبَيَانُهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ مُنَاسَبَتُهَا ظَاهِرَةٌ) وَهِيَ قِسْمَةُ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ هِيَ لُغَةً: مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزَّرْعِ) ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ هُوَ الْإِنْبَاتُ لُغَةً وَشَرْعًا، وَالْمُتَصَوَّرُ مِنْ الْعَبْدِ التَّسَبُّبُ فِي حُصُولِ النَّبَاتِ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْعَمَلِ وَمِنْ الْآخَرِ بِالتَّمْكِينِ مِنْهُ بِإِعْطَاءِ الْآلَاتِ إلَّا أَنَّهُ اخْتَصَّ الْعَامِلُ بِهَذَا الِاسْمِ فِي الْعُرْفِ كَاسْمِ الدَّابَّةِ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ ا. هـ.

أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْمُفَاعَلَةَ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا يُوجَدُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ كَالْمُدَاوَاةِ وَالْمُعَالَجَةِ قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ نَقَلُوا هَذَا اللَّفْظَ وَجَعَلُوهُ عَلَمًا عَلَى هَذَا الْعَقْدِ ا. هـ.

أَبُو السُّعُودِ مُلَخَّصًا.

أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الِاصْطِلَاحِيِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ الزَّرْعِ) هُوَ طَرْحُ الزُّرَاعَةِ بِالضَّمِّ: وَهُوَ الْبَذْرِ، وَمَوْضِعُهُ الْمَزْرَعَةُ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ إلَّا أَنَّهُ مَجَازٌ حَقِيقَتُهُ الْإِنْبَاتُ، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ زَرَعْتُ بَلْ حَرَثْتُ» أَيْ طَرَحْتُ الْبَذْرَ كَمَا فِي الْكَشَّافِ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ) يَصِحُّ أَنَّهُ يُرَادُ بِالزَّرْعِ الصَّدْرُ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ، لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ قَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ: ادْفَعْ إلَيَّ بَذْرِي فَأَكُونُ أَكَّارًا، إنَّ الْبَذْرَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا فِي الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ قَائِمًا يَجُوزُ؛ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحِنْطَةَ الْمَبْذُورَةَ قَائِمَةٌ فِي الْأَرْضِ وَيَصِيرُ الزَّارِعُ مُمَلَّكًا الْحِنْطَةَ الْمَزْرُوعَةَ بِمِثْلِهَا وَذَا جَائِزٌ، لَكِنْ تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ لِعَدَمِ الشَّرَائِطِ، وَإِذَا لَمْ يَتَنَاهَ الزَّرْعُ فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً لِيَتَعَاهَدَهُ صَحَّ لَا إنْ تَنَاهَى ا. هـ.

سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِبَعْضِ الْخَارِجِ) لَا يَنْتَقِضُ بِمَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُزَارَعَةً، إذْ الْأَوَّلُ اسْتِعَانَةٌ مِنْ الْعَامِلِ وَالثَّانِي إعَارَةٌ مِنْ الْمَالِكِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا إلَخْ) وَحُكْمُهَا فِي الْحَالِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَفِي الْمَآلِ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ، وَصِفَتُهَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَا بَذْرَ لَهُ فَلَا يُفْسَخُ بِلَا عُذْرٍ، وَغَيْرُ لَازِمَةٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ فَمَلَكَ الْفَسْخَ بِلَا عُذْرٍ حَذَرًا عَنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>