للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ لِلْأَثَرِ وَالْأَحْوَطُ الِامْتِنَاعُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فِيمَا يُخَالِفُ الْقَطْعِيَّ إذْ الْمُتَشَابِهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَطْعِيِّ هِدَايَةٌ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا لِلْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إلَّا بِهِ وَالدُّعَاءُ الْمَأْذُونُ فِيهِ الْمَأْمُورُ بِهِ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْله تَعَالَى - {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]- قَالَ وَكَذَا لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

ــ

[رد المحتار]

الْفَقِيهُ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَتْنِ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ، وَهُوَ الَّذِي فِي أَغْلَبِ نُسَخِ الشَّرْحِ وَفِي بَعْضِهَا بِتَقْدِيمِ الْعَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي شَرَحَ عَلَيْهِ فِي الْمِنَحِ، وَهُوَ الْأَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ لِلْمُتُونِ، وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا رَيْبَ فِي امْتِنَاعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ (قَوْلُهُ لِلْأَثَرِ) وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِك وَبِاسْمِك الْأَعْظَمِ وَجَدِّك الْأَعْلَى وَكَلِمَاتِك التَّامَّةِ» ، زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَحْوَطُ الِامْتِنَاعُ) وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ إلَى شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ والتمرتاشي وَالْمَحْبُوبِيِّ وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ آخِرِ الْحِلْيَةِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ قَالَ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ وَسَنَدِهِ وَأَنَّهُ عَدَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ: قَدْ عَرَفْت أَنَّ هَذَا الْأَثَرَ لَيْسَ بِثَابِتٍ فَالْحَقُّ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ إلَّا بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ أَوْ بِإِجْمَاعٍ قَوِيٍّ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فَالْوَجْهُ الْمَنْعُ، وَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يُخَالِفُ الْقَطْعِيَّ) وَهُوَ تَنْزِيهُ الْحَقِّ تَعَالَى عَنْ مِثْلِهِ ط (قَوْلُهُ إذْ الْمُتَشَابِهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمُتَشَابِهُ أَيْ الَّذِي هُوَ كَهَذَا الدُّعَاءِ أَيْ مِمَّا كَانَ ظَاهِرُهُ مُحَالًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ هِدَايَةٌ) أَقُولُ: الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ لِصَاحِبِ الْمِنَحِ، وَأَمَّا عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ فَنَصُّهَا، وَلَكِنَّا نَقُولُ هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الِامْتِنَاعِ اهـ.

[تَنْبِيهٌ]

لِيُنْظَرْ فِي أَنَّهُ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مَا يُؤْثَرُ مِنْ الصَّلَوَاتِ مِثْلِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَدَدَ عِلْمِك وَحِلْمِك، وَمُنْتَهَى رَحْمَتِك، وَعَدَدَ كَلِمَاتِك، وَعَدَدَ كَمَالِ اللَّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُوهِمُ تَعَدُّدَ الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ انْتِهَاءَ مُتَعَلِّقَاتِ نَحْوِ الْعِلْمِ وَلَا سِيَّمَا مِثْلُ عَدَدِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُك، وَوَسِعَهُ سَمْعُك وَعَدَدِ كَلِمَاتِك إذْ لَا مُنْتَهَى لِعِلْمِهِ وَلَا لِرَحْمَتِهِ وَلَا لِكَلِمَاتِهِ تَعَالَى وَلَفْظَةُ عَدَدٍ وَنَحْوِهَا تُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَرَأَيْت فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الْفَاسِيِّ عَلَى دَلَائِلِ الْخَيْرَاتِ الْبَحْثَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ إطْلَاقِ الْمُوهِمِ عِنْدَ مَنْ لَا يَتَوَهَّمُ بِهِ أَوْ كَانَ سَهْلَ التَّأْوِيلِ وَاضِحَ الْمَحْمَلِ أَوْ تَخْصِيصٌ بِطُرُقِ الِاسْتِعْمَالِ فِي مَعْنًى صَحِيحٍ، وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَيْفِيَّاتٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا إنَّهَا أَفْضَلُ الْكَيْفِيَّاتِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَفِيفُ الدِّينِ الْيَافِعِيُّ وَالشَّرَفُ الْبَارِزِيُّ وَالْبَهَاءُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ تِلْمِيذُهُ الْمَقْدِسِيَّ اهـ.

أَقُولُ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَئِمَّتِنَا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا فِيمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ إلَّا بِهِ) أَيْ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ (قَوْلُهُ {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَلْفَ اسْمٍ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَهَذَا قَلِيلٌ فِيهَا وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إلَّا وَاحِدًا مِنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَصْرٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِإِحْصَائِهَا.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِإِحْصَائِهَا فَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مَعْنَاهُ: حِفْظُهَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مِنْ حَفِظَهَا وَقِيلَ عَدَّهَا فِي الدُّعَاءِ، وَقِيلَ أَحْسَنَ الْمُرَاعَاةَ لَهَا وَالْمُحَافَظَةَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ بِمَعَانِيهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) أَيْ اسْتِقْلَالًا أَمَّا تَبَعًا كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ جَازَ خَانِيَّةٌ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَلَائِكَةِ، أَمَّا هُمْ فَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ اسْتِقْلَالًا

<<  <  ج: ص:  >  >>