للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يُكْرَهُ إمْسَاكُ الْحَمَامَاتِ) وَلَوْ فِي بُرْجِهَا (إنْ كَانَ يَضُرُّ بِالنَّاسِ) بِنَظَرٍ أَوْ جَلَبٍ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا أَوْ تُوهَبَ لَهُ مُجْتَبًى (فَإِنْ كَانَ يُطَيِّرُهَا فَوْقَ السَّطْحِ مُطَّلِعًا عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَيَكْسِرُ زُجَاجَاتِ النَّاسِ بِرَمْيِهِ تِلْكَ الْحَمَامَاتِ عُزِّرَ وَمُنِعَ أَشَدَّ الْمَنْعِ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ بِذَلِكَ ذَبَحَهَا) أَيْ الْحَمَامَاتِ (الْمُحْتَسِبُ) وَصَرَّحَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ وَذَبْحِ الْحَمَامَاتِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا مَرَّ وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ عَادَتَهُمْ. وَأَمَّا لِلِاسْتِئْنَاسِ فَمُبَاحٌ كَشِرَاءِ عَصَافِيرَ لِيُعْتِقَهَا إنْ قَالَ مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِإِعْتَاقِهِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ تَضْيِيعُ الْمَالِ جَامِعُ الْفَتَاوَى.

وَفِي الْمُخْتَارَاتِ سَيَّبَ دَابَّتَهُ وَقَالَ هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا لَمْ يَأْخُذْهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا وَمَرَّ فِي الْحَجِّ وَجَازَ رُكُوبُ الثَّوْرِ وَتَحْمِيلُهُ وَالْكِرَابُ عَلَى الْحَمِيرِ بِلَا جَهْدٍ وَضَرْبٍ إذْ ظُلْمُ الدَّابَّةِ

ــ

[رد المحتار]

أَيْ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ حَبْسُهُ فَهُوَ احْتِكَارٌ، وَلَوْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ ثَوْبًا قَالَ ط: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا فِي الِاحْتِكَارِ لَا فِي التَّسْعِيرِ اهـ.

قُلْت: نَعَمْ وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيَاسًا أَوْ اسْتِنْبَاطًا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَلِذَا قَالَ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ قَوْلَهُ تَأَمَّلْهُ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَرَى الْحَجْرَ إذْ عَمَّ الضَّرَرُ كَمَا فِي الْمُفْتِي الْمَاجِنِ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ عَامَّةٌ فَتَدْخُلُ مَسْأَلَتُنَا فِيهَا لِأَنَّ التَّسْعِيرَ حَجْرٌ مَعْنًى، لِأَنَّهُ مَنَعَ عَنْ الْبَيْعِ بِزِيَادَةٍ فَاحِشَةٍ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَقَطْ كَذَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالِاحْتِيَاطُ) يَعْنِي فِيمَا إذَا جَلَبَ حَمَامًا وَلَمْ يَدْرِ صَاحِبَهَا اهـ ح (قَوْلُهُ ذَبَحَهَا) أَيْ ثُمَّ يُلْقِيهَا لِمَالِكِهَا أَفَادَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ) أَيْ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَكَسْرِ الزُّجَاجَاتِ قَالَ شَارِحُهُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَلَمْ أَرَ إطْلَاقَ التَّعْزِيرِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ) أَيْ صَاحِبُ الْوَهْبَانِيَّةِ اعْتَمَدَ عَادَتَهُمْ أَيْ أَطْلَقَ اعْتِمَادًا عَلَى عَادَةِ الَّذِينَ يُطَيِّرُونَ الْحَمَامَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِلِاسْتِئْنَاسِ فَمُبَاحٌ) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى رَامِزًا: لَا بَأْسَ بِحَبْسِ الطُّيُورِ وَالدَّجَاجِ فِي بَيْتِهِ، وَلَكِنْ يَعْلِفُهَا وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ إرْسَالِهَا فِي السِّكَكِ اهـ وَفِي الْقُنْيَةِ رَامِزًا: حَبَسَ بُلْبُلًا فِي الْقَفَصِ وَعَلَفهَا لَا يَجُوزُ اهـ.

أَقُولُ: لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ: سُئِلَ هَلْ يَجُوزُ حَبْسُ الطُّيُورِ الْمُفْرَدَةِ وَهَلْ يَجُوزُ عِتْقُهَا، وَهَلْ فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ، وَهَلْ يَجُوزُ قَتْلُ الْوَطَاوِيطِ لِتَلْوِيثِهَا حُصْرَ الْمَسْجِدِ بِخُرْئِهَا الْفَاحِشِ؟ فَأَجَابَ: يَجُوزُ حَبْسُهَا لِلِاسْتِئْنَاسِ بِهَا، وَأَمَّا إعْتَاقُهَا فَلَيْسَ فِيهِ ثَوَابٌ، وَقَتْلُ الْمُؤْذِي مِنْهَا وَمِنْ الدَّوَابِّ جَائِزٌ اهـ.

قُلْت: وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْحَبْسِ فِي الْقَفَصِ، لِأَنَّهُ سِجْنٌ وَتَعْذِيبٌ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ فَتَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ]

قَالَ الْجَارِحِيُّ: وَمِنْ الْوَاهِي مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَادِ وَالدَّيْلَمِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «اتَّخِذُوا الْمَقَاصِيصَ فَإِنَّهَا تُلْهِي الْجِنَّ عَنْ صِبْيَانِكُمْ» وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ الثَّوْرِيِّ «إنَّ اللَّعِبَ بِالْحَمَامِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ» (قَوْلُهُ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِإِعْتَاقِهِ) فَإِذَا وَجَدَهَا بَعْدَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ لَهَا أَخَذَهَا إلَّا إذَا كَانَ قَالَ مَنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَأْخُذْهَا) ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتَاوَى فِي بَابِ السِّيَرِ وَشَرَطَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمٍ مَعْلُومِينَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَأْخُذْ اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ فَتَنَاوَلَ حَلَّ، وَفِي كُلِّ مَنْ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ فَتَنَاوَلَ رَجُلٌ شَيْئًا لَا يَحِلُّ وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: يَحِلُّ وَلَا يَضْمَنُ. قَالَ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَالِي خُذْ مِنْهُ مَا شِئْت قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ حِلٌّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ وَجَازَ رُكُوبُ الثَّوْرِ وَتَحْمِيلُهُ إلَخْ) وَقِيلَ لَا يَفْعَلُ لِأَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَنْعَامِ خُلِقَ لِعَمَلٍ فَلَا يُغَيَّرُ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ بِلَا جَهْدٍ وَضَرْبٍ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>