للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشْرَةَ وَكُرِهَ تَرْكُهُ وَرَاءَ الْأَرْبَعِينَ مُجْتَبًى وَفِيهِ حَلْقُ الشَّارِبِ بِدْعَةٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَلَا بَأْسَ بِنَتْفِ الشَّيْبِ، وَأَخْذِ أَطْرَافِ اللِّحْيَةِ وَالسُّنَّةُ فِيهَا الْقَبْضَةُ. وَفِيهِ: قَطَعَتْ شَعْرَ رَأْسِهَا أَثِمَتْ وَلُعِنَتْ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، وَلِذَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ قَطْعُ لِحْيَتِهِ، وَالْمَعْنَى الْمُؤَثِّرُ التَّشَبُّهُ بِالرِّجَالِ اهـ. قُلْت: وَأَمَّا حَلْقُ رَأْسِهِ فَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَدْ قِيلَ:

حَلْقُ الرَّأْسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ ... يُحَبُّ وَبَعْضٌ بِالْجَوَازِ يُعَبَّرُ.

(رَجُلٌ تَعَلَّمَ عِلْمَ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوَهُ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ وَآخَرُ لِيَعْمَلَ بِهِ فَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَرُوِيَ «مُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ

ــ

[رد المحتار]

وَالنَّتْفُ أَوْلَى. وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ بَعْضِهِمْ وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ، وَلَا يَحْلِقُ شَعْرَ حَلْقِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ ط.

وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرِ وَجْهِهِ مَا لَمْ يُشْبِهْ الْمُخَنَّثَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَرْكُهُ) أَيْ تَحْرِيمًا لِقَوْلِ الْمُجْتَبَى وَلَا عُذْرَ فِيمَا وَرَاءَ الْأَرْبَعِينَ وَيَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ اهـ وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِابْنِ مَلَكٍ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «وُقِّتَ لَنَا فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» وَهُوَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي لَيْسَ لِلرَّأْيِ فِيهَا مَدْخَلٌ فَيَكُونُ كَالْمَرْفُوعِ اهـ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سُنَّةٌ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمُلْتَقَى، وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى بَعْدَمَا رَمَزَ لِلطَّحَاوِيِّ حَلْقُهُ سُنَّةٌ وَنَسَبَهُ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَالْقَصُّ مِنْهُ حَتَّى يُوَازِيَ الْحَرْفَ الْأَعْلَى مِنْ الشَّفَةِ الْعُلْيَا سُنَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِنَتْفِ الشَّيْبِ) قَيَّدَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى وَجْهِ التَّزَيُّنِ.

[تَنْبِيهٌ]

نَتْفُ الْفَنْبَكَيْنِ بِدْعَةٌ وَهُمَا جَانِبَا الْعَنْفَقَةِ وَهِيَ شَعْرُ الشَّفَةِ السُّفْلَى كَذَا فِي الْغَرَائِبِ وَلَا يَنْتِفُ أَنْفَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْأَكِلَةَ وَفِي حَلْقِ شَعْرِ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ تَرْكُ الْأَدَبِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ اهـ ط (قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ فِيهَا الْقَبْضَةُ) وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الرَّجُلُ لِحْيَتَهُ فَمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى قَبْضَةٍ قَطَعَهُ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْآثَارِ عَنْ الْإِمَامِ، قَالَ وَبِهِ أَخَذَ. مُحِيطٌ اهـ ط.

[فَائِدَةٌ]

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ لِحْيَتِهِ» " وَاشْتُهِرَ أَنَّ طُولَ اللِّحْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى خِفَّةِ الْعَقْلِ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

مَا أَحَدٌ طَالَتْ لَهُ لِحْيَةٌ ... فَزَادَتْ اللِّحْيَةُ فِي هَيْئَتِهِ

إلَّا وَمَا يَنْقُصُ مِنْ عَقْلِهِ ... أَكْثَرُ مِمَّا زَادَ فِي لِحْيَتِهِ

[لَطِيفَةٌ]

نُقِلَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: حَفِظْت مَا لَمْ يَحْفَظْهُ أَحَدٌ وَنَسِيت مَا لَمْ يَنْسَهُ أَحَدٌ حَفِظْت الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَرَدْت أَنْ أَقْطَعَ مِنْ لِحْيَتِي مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ فَنَسِيت فَقَطَعْت مِنْ أَعْلَاهَا (قَوْلُهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ إلَخْ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ اهـ جِرَاحِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى الْمُؤَثِّرُ) أَيْ الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ فِي إثْمِهَا التَّشَبُّهُ بِالرِّجَالِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَالتَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ حَتَّى قَالَ فِي الْمُجْتَبَى رَامِزًا: يُكْرَهُ غَزْلُ الرَّجُلِ عَلَى هَيْئَةِ غَزْلِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا حَلْقُ رَأْسِهِ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضَةِ للزَّنْدَوِيستي أَنَّ السُّنَّةَ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ إمَّا الْفَرْقُ أَوْ الْحَلْقُ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ: أَنَّ الْحَلْقَ سُنَّةٌ، وَنَسَبَ ذَلِكَ إلَى الْعُلَمَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْلِقَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَيُرْسِلَ شَعْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْتِلَهُ وَإِنْ فَتَلَهُ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشَبَّهًا بِبَعْضِ الْكَفَرَةِ وَالْمَجُوس فِي دِيَارِنَا يُرْسِلُونَ الشَّعْرَ مِنْ غَيْرِ فَتْلٍ، وَلَكِنْ لَا يَحْلِقُونَ وَسَطَ الرَّأْسِ بَلْ يَجُزُّونَ النَّاصِيَةَ تَتَارْخَانِيَّةٌ قَالَ ط: وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ وَهُوَ أَنْ يَحْلِقَ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ قَطْعًا مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ، وَفِيهَا: كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَتْرُكُ سِبَالَيْهِ وَهُمَا أَطْرَافُ الشَّوَارِبِ.

(قَوْلُهُ وَرُوِيَ إلَخْ) وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي دِينٍ» .

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَكَذَا الِاشْتِغَالُ بِزِيَادَةِ الْعِلْمِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ، لِأَنَّهُ أَعَمُّ نَفْعًا، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ النُّقْصَانُ فِي فَرَائِضِهِ، وَصِحَّةُ النِّيَّةِ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>