للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا كَانَ الشَّقُّ بِإِذْنٍ وَكَانَ الشَّقُّ مُعْتَادًا وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا خَارِجَ الرَّسْمِ، قِيلَ لَهُ فَلَوْ قَالَ إنْ مَاتَتْ فَأَنَا ضَامِنٌ هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ لَا اهـ.

قُلْت: إنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُ الضَّمَانِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَهُ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ أَيْ حَالَةُ الْقَتْلِ (الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ) مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، لِأَنَّ شَرْعِيَّةَ الْقَوَدِ لِتُشْفَى الصُّدُورُ وَدَرْكِ الثَّأْرِ وَالْمَيِّتُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ وقَوْله تَعَالَى - {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣]- نَصَّ فِيهِ (وَقَالَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ) كَمَا لَوْ انْقَلَبَ مَالًا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَصِيرُ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ (خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ) فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، خِلَافًا لَهُمَا، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَمْلِكُهُ الْوَرَثَةُ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ فَأَحَدُهُمْ خَصْمٌ عَنْ الْبَاقِينَ وَقَائِمٌ مَقَامَ الْكُلِّ فِي الْخُصُومَةِ، وَمَا يَمْلِكُهُ الْوَرَثَةُ لَا بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ لَا يَصِيرُ أَحَدُهُمْ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَقَامَ حُجَّةً بِقَتْلِ أَبِيهِ عَمْدًا مَعَ غَيْبَةِ أَخِيهِ يُرِيدُ الْقَوَدَ لَا يُقَيَّدُ إجْمَاعًا حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ لَكِنَّهُ يُحْبَسُ، لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ يُعِيدُهَا ثَانِيًا لِيَقْتُلَا الْقَاتِلَ وَقَالَا لَا يُعِيدُ

ــ

[رد المحتار]

؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا أُمِرَ بِهِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الشَّقُّ بِإِذْنٍ) فَلَوْ بِدُونِهِ فَالظَّاهِرُ الْقِصَاصُ وَيُحَرَّرُ ط (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ ط (قَوْلُهُ خَارِجَ الرَّسْمِ) أَيْ الْعَادَةِ ط (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) قَائِلُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَاعْتَرَضَهُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ لِعَدَمِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَمَانَةِ إذْ هِيَ الْمَالُ الْقَابِلُ لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْمَكْفُولِ بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالَتِهِ]

ِ أَيْ بَابُ الشَّهَادَةِ الْوَاقِعَةِ فِي شَأْنِ الْقَتْلِ وَبَابُ اعْتِبَارِ حَالَةِ الْقَتْلِ أَيْ حَالَةِ إيقَاعِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ لَا الْوُصُولِ كَمَا يَأْتِي، وَلَمَّا كَانَ الْقَتْلُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ رُبَّمَا يَجْحَدُ، فَيَحْتَاجُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَحَالَةُ الشَّيْءِ صِفَةٌ لَهُ تَابِعَةٌ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ حُكْمِهِ. قَالَ ط: وَاعْلَمْ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ وَالْقَتْلِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ مُوجِبَهَا الْمَالُ وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ بِقَتْلٍ يُحْبَسُ فَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ آخَرَ وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ مَسْتُورَانِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ يُحْبَسُ حَتَّى تَظْهَرَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا، وَكَذَا فِي الْخَطَإِ عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ اهـ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِلَافَةِ هُنَا مَا قَابَلَ الْوِرَاثَةَ، وَإِلَّا فَالْوِرَاثَةُ خِلَافَةٌ أَيْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، لَكِنَّهَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، وَلَا يَرِدُ صِحَّةُ عَفْوِ الْمُوَرِّثِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ انْعَقَدَ لَهُ، لِهَذَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: إنَّهُ حَقُّ الْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْإِمَامِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي وَدَرْكِ الثَّأْرِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحَقُّ الْمَيِّتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَدَلُ النَّفْسِ، وَلِذَا إذَا انْقَلَبَ مَالًا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتَنْفُذُ مِنْهُ وَصَايَاهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْفُرُوعَ الْآتِيَةَ وَتَفْسِيرُ الْخِلَافَةِ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الْحَيْثِيَّةِ الْأُولَى، وَصِحَّةُ عَفْوِ الْمُوَرِّثِ بِاعْتِبَارِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ رَاعَى الْإِمَامُ الْحَيْثِيَّتَيْنِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ كَمَا حَقَّقَهُ الطُّورِيُّ (قَوْلُهُ نَصَّ فِيهِ) فَإِنَّ اللَّامَ لِلتَّمْلِيكِ فَقَدْ مَلَّكَ تَعَالَى التَّسَلُّطَ لِلْوَلِيِّ بَعْدَ الْقَتْلِ، وَفِيهِ أَنَّ التَّسَلُّطَ قَدْ يَكُونُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ لَهُ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يَكُونُ الْحَقُّ انْتَقَلَ لَهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَلَا تَكُونُ الْآيَةُ نَصًّا اهـ ط (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ انْقَلَبَ مَالًا) أَيْ بِنَحْوِ صُلْحٍ أَوْ عَفْوِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ.

(قَوْلُهُ فَأَحَدُهُمْ عَنْ الْبَاقِينَ) ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ جَمِيعُ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَيِّتُ فَيَثْبُتُ لِلْبَقِيَّةِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يُثْبِتُ حَقًّا لِنَفْسِهِ لَا حَقَّ غَيْرِهِ ط (قَوْلُهُ لَا يُقَيَّدُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>