للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَرَجُهَا كَقَطْعِهَا.

[فُرُوعٌ]

نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الدُّرَرِ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ فِيمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يُخَافُ تَلَفُ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ كَلْبٍ عَقُورٍ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَحْفَظْهُ اهـ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُتْلَفِ فِي قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَإِنْ أَتْلَفَ الْكَلْبُ فَعَلَى صَاحِبِهِ الضَّمَانُ إنْ كَانَ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِتْلَافِ وَإِلَّا فَلَا كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ عَلَى الْآدَمِيِّ اهـ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ.

قُلْت: وَقَدْ وَقَعَ الِاسْتِفْتَاءُ عَمَّنْ لَهُ نَحْلٌ يَضَعُهُ فِي بُسْتَانِهِ فَيَخْرُجُ فَيَأْكُلُ عِنَبَ النَّاسِ وَفَوَاكِهَهُمْ هَلْ يَضْمَنُ رَبُّ النَّحْلِ مَا أَتْلَفَهُ النَّحْلُ مِنْ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا وَهَلْ يُؤْمَرُ بِتَحْوِيلِهِ عَنْهُمْ إلَى مَكَان آخَرَ أَمْ لَا.

وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ رَبُّهُ شَيْئًا مُطْلَقًا أَشْهَدُوا عَلَيْهِ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ بَلْ أَوْلَى وَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَعِينِهِ.

لَكِنْ رَأَيْت فِي فَتْوَاهُ أَنَّهُ أَفْتَى بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ النَّحْلِ فَرَاجِعْهُ عِنْدَ الْفَتْوَى وَأَمَّا تَحْوِيلُهُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.

وَأَمَّا جَوَابُ الْمَشَايِخِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ بِتَحْوِيلِهِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا

ــ

[رد المحتار]

فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ لَوْ أَخَذَ الشَّاةَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيُفْتَى بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنْ نَقَلَ بَعْدَهُ أَنَّ مَا يُؤْكَلُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَوْ أَمْسَكَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ اهـ.

أَقُولُ: وَحَيْثُ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْإِفْتَاءِ فَالْعَمَلُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَعَرَجُهَا كَقَطْعِهَا) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ ضَرَبَ دَابَّةً فَصَارَتْ عَرْجَاءَ فَهُوَ كَالْقَطْعِ اهـ

[فُرُوعٌ لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكَرْمِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ]

(قَوْلُهُ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ) كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الدُّرَرِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الْكَلْبِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ فَالْإِشْهَادُ فِيهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إذَا أَعْقَبَهُ تَلَفٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلَفُ مَالًا أَوْ آدَمِيًّا وَمَا لَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ بَلْ يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ كَعِنَبِ الْكُرُومِ، فَلَا يُفِيدُ فِيهِ الْإِشْهَادُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَشْبِيهُهُ بِالْحَائِطِ الْمَائِلِ، فَإِنَّ الْإِشْهَادَ فِيهِ مُوجِبٌ لِضَمَانِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ اهـ رَمْلِيٌّ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ دَافِعٌ لِلْمُخَالَفَةِ مِنْ أَصْلِهَا فَيُحْمَلُ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى الْإِتْلَافِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلْبِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِهِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ، فَهُوَ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَالثَّوْرِ النَّطُوحِ، بِخِلَافِ كَلْبِ الْعِنَبِ.

قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَنْ الْقَاضِي بَدِيعٍ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَائِطِ لَا فِي الْحَيَوَانِ اهـ.

وَقَدْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِالضَّمَانِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فِي حِصَانٍ اعْتَادَ الْكَدْمَ وَكَذَا فِي ثَوْرٍ نُطَوِّح قَالَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُنْيَةِ فِي نَطْحِ الثَّوْرِ يَضْمَنُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ النَّفْسَ وَالْمَالَ اهـ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الضَّمَانِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ اهـ وَأَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) مِنْ مَقُولِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ) أَيْ كَلْبِ الْعِنَبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) لِأَنَّهُ طَيْرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، إذَا أَرْسَلَ طَيْرًا سَاقَهُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَالْكَلْبِ، وَهُنَا لَمْ يُرْسِلْهُ وَلَمْ يَسُقْهُ أَصْلًا فَعَدَمُ الضَّمَانِ فِيهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ النَّحْلَ مَأْذُونَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [النحل: ٦٩] : (قَوْلُهُ فِي مَعِينِهِ) أَيْ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى مَعِينُ الْمُفْتَى (قَوْلُهُ فَرَاجِعْهُ عِنْدَ الْفَتْوَى) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْمَنْقُولِ صَرِيحًا وَدَلَالَةً هُوَ الْأَوَّلُ فَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ آخِرَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا جَوَابُ الْمَشَايِخِ) مِنْ أَنَّهُ يَمْنَعُ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>