للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ قَتَلَ عَبْدُهُمَا قَرِيبَهُمَا وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ كُلُّهُ) وَقَالَا: يَدْفَعُ الَّذِي عَفَا نِصْفَ نَصِيبِهِ لِلْآخَرِ أَوْ يَفْدِيهِ بِرُبْعِ الدِّيَةِ وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ انْقَلَبَ بِالْعَفْوِ مَالًا وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا فَلَا تَخْلُفُهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ (دِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ فَإِنْ بَلَغَتْ هِيَ دِيَةَ الْحُرِّ وَ) بَلَغَتْ قِيمَةُ الْأَمَةِ دِيَةَ الْحُرَّةِ (نَقَصَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ دِيَةِ عَبْدٍ وَأَمَةٍ (عَشَرَةَ) دَرَاهِمَ إظْهَارًا لِانْحِطَاطِ رُتْبَةِ الرَّقِيقِ عَنْ الْحُرِّ وَتَعْيِينُ الْعَشَرَةِ بِأَثَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَنْهُ مِنْ الْأَمَةِ خَمْسَةٌ، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ

(وَفِي الْغَصْبِ تَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً

ــ

[رد المحتار]

الْمُشْتَرِيَيْنِ أَرْبَاعًا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، لِأَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَضِيقُ عَنْ الْحَقَّيْنِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَالَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ لِوَلِيَّيْ الْخَطَأِ وَرُبْعُهُ لِلسَّاكِتِ مِنْ وَلِيِّ الْعَمْدِ، لِأَنَّ حَقَّ وَلِيِّيْ الْعَمْدِ كَانَ فِي جَمِيعِ الرَّقَبَةِ فَإِذَا عَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ، وَفَرَّغَ النِّصْفَ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ وَلِيِّيْ الْخَطَأِ بِهَذَا النِّصْفِ، بِلَا مُنَازَعَةَ، بَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ وَاسْتَوَتْ فِيهِ مُنَازَعَةُ وَلِيِّيْ الْخَطَأِ وَالسَّاكِتِ فَنُصِبَ بَيْنَهُمْ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَصْلَ حَقِّهِمَا لَيْسَ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ بَلْ فِي الْأَرْشِ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الْمُتْلَفِ، وَالْقِسْمَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ، وَهَذَا لِأَنَّ حَقَّ وَلِيِّيْ الْخَطَأِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ وَحَقُّ الْعَافِي فِي خَمْسَةٍ فَيُضْرَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحِصَّةٍ كَمَنْ عَلَيْهِ أَلْفَانِ لِرَجُلٍ وَأَلْفٌ لِآخَرَ وَمَاتَ عَنْ أَلْفٍ فَهُوَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَثْلَاثًا بِخِلَافِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً عِنَايَةٌ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَ عَبْدُهُمَا قَرِيبَهُمَا) أَيْ قَتَلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ قَرِيبًا لَهُمَا (قَوْلُهُ وَقَالَا يَدْفَعُ إلَخْ) لِأَنَّ نَصِيبَ مَنْ لَمْ يَعْفُ لَمَّا انْقَلَبَ مَالًا بِعَفْوِ صَاحِبِهِ صَارَ نِصْفُهُ فِي مِلْكِهِ، وَنِصْفُهُ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ، فَمَا أَصَابَ مِلْكَ صَاحِبِهِ لَمْ يَسْقُطْ، وَهُوَ الرُّبْعُ وَمَا أَصَابَ مِلْكَ نَفْسِهِ سَقَطَ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ الْإِمَامِ أَيْ وَجْهُ قَوْلِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لَهُ أَنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، فَإِذَا انْقَلَبَ مَالًا احْتَمَلَ الْوُجُوبَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِأَنْ يُعْتَبَرَ مُتَعَلِّقًا بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ وَاحْتَمَلَ السُّقُوطَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِأَنْ يُعْتَبَرَ مُتَعَلِّقًا بِنَصِيبِ نَفْسِهِ، وَاحْتَمَلَ التَّنْصِيفَ بِأَنْ يُعْتَبَرَ مُتَعَلِّقًا بِهِمَا شَائِعًا فَلَا يَجِبُ الْمَالُ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ فَلَا تَخْلُفُهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ) الْوَاجِبُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَيْسَ مَوْلًى لِلْقَاتِلِ نَعَمْ يَظْهَرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى ذُكِرَتْ هُنَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ حُكْمُهَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَهِيَ مَا لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مَوْلَاهُ وَلَهُ ابْنَانِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا بَطَلَ كُلُّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الدِّيَةَ حَقُّ الْمَقْتُولِ، ثُمَّ الْوَرَثَةُ تَخْلُفُهُ وَالْمَوْلَى لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا تَخْلُفُهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ اهـ وَاَلَّذِي أَوْقَعَ الشَّارِحَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ]

ِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَتْ هِيَ) أَيْ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ بِأَثَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ) وَهُوَ لَا يَبْلُغُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ دِيَةَ الْحُرِّ وَيَنْقُصُ مِنْهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَهَذَا كَالْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ وَإِنَّمَا طَرِيقُ مَعْرِفَتِهَا السَّمَاعُ مِنْ صَاحِبِ الْوَحْيِ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَمَةِ) أَيْ يُنْقَصُ مِنْ دِيَتِهَا لَا مُطْلَقًا كَمَا ظَنَّ فَإِنَّهُ سَهْوٌ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَخْ) أَيْ يَكُونُ مَا ذَكَرَ مِنْ دِيَةِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَيْ دِيَةِ النَّفْسِ، لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ أَطْرَافَ الْعَبْدِ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْمَعَاقِلِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) حَيْثُ قَالَ: تَجِبُ قِيمَةٌ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فِي رِوَايَةٍ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي أُخْرَى وَفِي الْجَوْهَرَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِقَوْلِ عُمَرَ: لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا

قُلْنَا: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا جَنَاهُ الْعَبْدُ لَا عَلَى مَا جُنِيَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَا جَنَاهُ الْعَبْدُ لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، لِأَنَّ الْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>