للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَرْجِعُ كَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ. انْتَهَى.

كِتَابُ الْخُنْثَى

لَمَّا ذَكَرَ مَنْ غَلَبَ وُجُودُهُ ذَكَرَ نَادِرَ الْوُجُودِ (وَهُوَ ذُو فَرْجٍ وَذَكَرٍ أَوْ مَنْ عَرَى عَنْ الِاثْنَيْنِ جَمِيعًا، فَإِنْ بَالَ مِنْ الذَّكَرِ فَغُلَامٌ، وَإِنْ بَالَ مِنْ الْفَرْجِ فَأُنْثَى وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَثْرَةُ)

خِلَافًا لَهُمَا، هَذَا قَبْلَ الْبُلُوغِ (فَإِنْ بَلَغَ وَخَرَجَتْ لِحْيَتُهُ أَوْ وَصَلَ إلَى امْرَأَةٍ أَوْ احْتَلَمَ) كَمَا يَحْتَلِمُ الرَّجُلُ (فَرَجُلٌ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ أَوْ لَبَنٌ أَوْ حَاضَ أَوْ حَبِلَ

ــ

[رد المحتار]

إنْ أَشْهَدَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ إلَخْ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْخُنْثَى]

هُوَ فُعْلَى مِنْ الْخَنْثِ أَيْ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ: وَهُوَ اللِّينُ وَالتَّكَسُّرُ، يُقَالُ خَنَّثْتُ الشَّيْءَ فَتَخَنَّثَ: أَيْ عَطَفْته فَانْعَطَفَ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمُخَنَّثُ، وَجَمْعُ الْخُنْثَى الْخَنَاثَى بِالْفَتْحِ كَحُبْلَى وَحَبَالَى اهـ شَرْحُ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ بَنِي آدَمَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا كَمَا قَالَ {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: ١]- وَقَالَ - {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩]- وَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ مَنْ هُوَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْوَصْفَانِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَكَيْفَ وَبَيْنَهُمَا مُضَادَّةٌ اهـ كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ ذُو فَرْجٍ) أَرَادَ بِهِ هُنَا قُبُلَ الْمَرْأَةِ وَإِلَّا فَالْفَرْجُ يُطْلَقُ عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ عَرِيَ إلَخْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بِمَعْنَى خَلَا قَالَ الأتقاني: وَهَذَا أَبْلَغُ وَجْهَيْ الِاشْتِبَاهِ وَلِهَذَا بَدَأَ مُحَمَّدٌ بِهِ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ ذُو فَرْجٍ وَذَكَرَ تَفْسِيرَ الْخُنْثَى لُغَةً، وَأَمَّا هَذَا فَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْخُنْثَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ هُوَ عِنْدَنَا وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي أَمْرِهِ سَوَاءٌ، فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ لَا فِي الدَّلَالَةِ، وَكَوْنُهُ أَبْلَغَ فِي الِاشْتِبَاهِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَسْمِيَتِهِ خُنْثَى لُغَةً

، وَلِذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بَوْلُهُ مِنْ سُرَّتِهِ لَيْسَ بِخُنْثَى، وَلِذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لَا نَدْرِي اسْمَهُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنَّهُ فِي حُكْمِ الْخُنْثَى اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَالَ إلَخْ) أَيْ إذَا وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فَالْحُكْمُ لِلْمُبَالِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْآلَةِ عِنْدَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ مِنْ الْأُمِّ خُرُوجُ الْبَوْلِ فَهُوَ الْمَنْفَعَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْآلَةِ وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَنَافِعِ يَحْدُثُ بَعْدَهَا، وَهَذَا حُكْمٌ جَاهِلِيٌّ وَقَدْ قَرَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَمَامُهُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

(قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ لِلْأَسْبَقِ) لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْعُضْوُ الْأَصْلِيُّ وَلِأَنَّهُ كَمَا خَرَجَ الْبَوْلُ حُكِمَ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ تَامَّةٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ مِنْ الْآلَةِ الْأُخْرَى زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا) بِأَنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَمُشْكِلٌ) لَمْ يَقُلْ مُشْكِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَجَاءَ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ التَّذْكِيرُ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ غَلَبَ التَّذْكِيرُ أَفَادَهُ الأتقاني (قَوْلُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَثْرَةُ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَلِيلٍ عَلَى الْقُوَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِاتِّسَاعِ الْمَخْرَجِ وَضِيقِهِ لَا لِأَنَّهُ هُوَ الْعُضْوُ الْأَصْلِيُّ، وَلِأَنَّ نَفْسَ الْخُرُوجِ دَلِيلٌ بِنَفْسِهِ فَالْكَثِيرُ مِنْ جِنْسِهِ لَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ كَالشَّاهِدَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ اسْتَقْبَحَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ فَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْت قَاضِيًا يَكِيلُ الْبَوْلَ بِالْأَوَاقِيِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا يَحْتَلِمُ الرَّجُلُ) بِأَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ مِنْ الذَّكَرِ ط (قَوْلُهُ أَوْ لَبَنٌ) أَيْ فِي ثَدْيِهِ كَلَبَنِ النِّسَاءِ وَإِلَّا فَالرَّجُلُ قَدْ يَخْرُجُ مِنْ ثَدْيِهِ لَبَنٌ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: فَإِنْ قِيلَ ظُهُورُ الثَّدْيَيْنِ عَلَامَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ اللَّبَنِ، قِيلَ لِأَنَّ اللَّبَنَ قَدْ يَنْزِلُ وَلَا ثَدْيَ أَوْ يَظْهَرُ لَهُ ثَدْيٌ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ ثَدْيِ الرَّجُلِ فَإِذَا نَزَلَ اللَّبَنُ وَقَعَ التَّمْيِيزُ اهـ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ حَبِلَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>