للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَحَرَّرَ فَتَدَبَّرْ

قَالَ مُؤَلِّفُهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْعَاجِزُ الْحَقِيرُ مُحَمَّدٌ عَلَاءُ الدِّينِ ابْنُ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْحِصْنِيِّ الْحَنَفِيُّ الْحِصْنِيُّ الْعَبَّاسِيُّ الْإِمَامُ بِجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ ثَمَّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الْمَحْمِيَّةِ قَدْ فَرَغْتُ مِنْ تَأْلِيفِهِ أَوَاخِرَ شَهْرِ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ سَنَةَ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَأَلْفٍ هِجْرِيَّةً، عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى التَّحِيَّةِ، وَقَدْ بَالَغْتُ فِي تَلْخِيصِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَنْقِيحِهِ، وَتَبِعْتُ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَغْيِيرِهِ لِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ مَتْنِهِ، وَتَصْحِيحِهِ وَنَبَّهْتُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَوَاضِعِ سَهْوٍ أُخَرَ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالسَّلَامَةُ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ، أَمْرٌ يَعِزُّ عَلَى الْبَشَرِ، فَسَتَرَ اللَّهُ عَلَى مَنْ سَتَرَ وَغَفَرَ لِمَنْ غَفَرَ:

وَإِنْ تَجِدْ عَيْبًا فَسُدَّ الْخَلَلَا ... جَلَّ مَنْ لَا فِيهِ عَيْبٌ وَعَلَا

ــ

[رد المحتار]

أَصْلَهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ فَإِذَا اسْتَوْفَتْ الْأُخْتُ نَصِيبَهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بَقِيَ خَمْسَةٌ وَلَوْ جُعِلَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَكَانَتْ مِنْ ٦ وَبَقِيَ سَهْمٌ لِلْعَصَبَةِ اهـ وَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ لَكَانَتْ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ بِسَهْمٍ إلَى سَبْعَةٍ كَمَا وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَكِنْ مَا مَرَّ وُجِدَ بِخَطِّهِ كَذَلِكَ فَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ إذْ لَا عَصَبَةَ هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَحَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَاطْرَحْ سِهَامَهُ مِنْ التَّصْحِيحِ

[خَاتِمَة الْكتاب]

(قَوْلُهُ: قَالَ مُؤَلِّفُهُ) مِنْ التَّأْلِيفِ وَهُوَ إيقَاعُ الْأُلْفَةِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ، أَخَصُّ مِنْ التَّرْكِيبِ، وَيُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى كِتَابٍ جُمِعَتْ فِيهِ مَسَائِلُ مُؤْتَلِفَةٌ مِنْ أَيِّ عِلْمٍ كَانَ بِمَعْنَى الْمُؤَلَّفِ بِالْفَتْحِ وَجَامِعُهُ مُؤَلِّفٌ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: الْحَقِيرُ) مِنْ الْحَقْرِ وَهُوَ الذِّلَّةُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: الْحِصْنِيُّ) نِسْبَةٌ إلَى مَوْضِعٍ يُسَمَّى حِصْنَ كَيْفَا وَاشْتُهِرَ فِي نِسْبَةِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَفْظُ الْحَصْكَفِيِّ فَهُوَ مِنْ بَابِ النَّحْتِ (قَوْلُهُ: الْعَبَّاسِيُّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى سَيِّدِنَا الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمِّ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) بِالرَّفْعِ صِفَةُ مُحَمَّدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِعَلِيٍّ لَكِنْ الَّذِي كَانَ إمَامَ الْحَنَفِيَّةِ بِجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ وَالْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الْمَحْمِيَّةِ هُوَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا كَانَ مُدَرِّسَ الْحَدِيثِ تَحْتَ الْقُبَّةِ بِجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ وَمُدَرِّسَ التَّكِيَّةِ السَّلِيمَةِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ وَالِدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هِجْرِيَّةً) نِسْبَةٌ إلَى الْهِجْرَةِ أَيْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُسِبَ التَّارِيخُ إلَيْهَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْهَا وَأَوَّلُ مَنْ ابْتَدَأَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْعَرَبُ كَانَتْ تُؤَرِّخُ بِعَامِ التَّفَرُّقِ وَهُوَ تَفَرُّقُ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَخُرُوجُهُمْ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ أَرَّخُوا بِعَامِ الْفِيلِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَبْلَ الْمَحَاضِرِ.

(قَوْلُهُ: فِي تَلْخِيصِهِ) التَّلْخِيصُ التَّبْيِينُ وَالشَّرْحُ وَالتَّخْلِيصُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيرِهِ وَتَنْقِيحِهِ) تَحْرِيرُ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ تَقْوِيمُهُ وَالتَّنْقِيحُ التَّهْذِيبُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: لِمَوَاضِعَ) اللَّامُ زَائِدَةٌ لِلتَّقْوِيَةِ (قَوْلُهُ: وَتَصْحِيحِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَغْيِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَوَاضِعِ سَهْوٍ أُخَرَ) أَيْ مِمَّا فَاتَ الْمُصَنِّفَ تَغْيِيرُهَا (قَوْلُهُ: وَبِالْجُمْلَةِ) أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ مُجْتَمِعًا قَالَ فِي الْقَامُوسِ جَمَلَ جَمَعَ، وَأَجْمَلَ الشَّيْءَ جَمَعَهُ عَنْ تَفْرِقَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ سَهْوٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وَإِنْ نَبَّهْتُ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ السَّهْوِ فَإِنِّي قَدْ أَسْهُو لِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَمْرُ الشَّاقُّ عَبَّرَ بِهِ عَنْ السَّهْوِ، أَمْرٌ يَعِزُّ بِالْكَسْرِ كَيَقِلُّ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ يَنْدُرُ أَوْ يَعْسُرُ أَوْ يَضِيقُ أَوْ يَعْظُمُ عَلَى الْبَشَرِ فَلَا يُحَصِّلُونَهُ لِأَنَّ السَّهْوَ وَالنِّسْيَانَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِنْسَانِ وَأَوَّلُ نَاسٍ أَوَّلُ النَّاسِ وَفِي هَذَا هَضْمٌ لِنَفْسِهِ وَاعْتِذَارٌ عَنْهُ وَعَنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَسَتَرَ اللَّهُ عَلَى مَنْ سَتَرَ) الْفَاءُ فَصِيحَةٌ أَيْ إذَا كَانَ مَا ذُكِرَ فَالْمَطْلُوبُ السَّتْرُ إلَّا فِي مَقَامِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَغَفَرَ لِمَنْ غَفَرَ) الْغَفْرُ السَّتْرُ فَهُوَ عَطْفٌ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَجِدْ عَيْبًا إلَخْ) هَذَا الْبَيْتُ بِمَعْنَى الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَسُدَّ الْخَلَلَا) الْخَلَلُ مُنْفَرِجُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَالْوَهَنُ فِي الْأَمْرِ وَأَمْرٌ مُخْتَلٌّ وَاهٍ وَأَخَلَّ بِالشَّيْءِ أَجْحَفَ قَامُوسٌ وَأَلِفُهُ لِلْإِطْلَاقِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَيْبُ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلَهُ الضَّمِيرُ وَلَكِنْ أَتَى بِالظَّاهِرِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ مِنْ سَهْوٍ وَنَحْوِهِ خَلَلٌ، نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٩٨] بَعْدَ قَوْلِهِ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ} [البقرة: ٩٨] الْآيَةَ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالْمُرَادُ بِسَدِّهِ سَتْرُهُ أَوْ تَأْوِيلُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ.

(قَوْلُهُ: جَلَّ) أَيْ عَظُمَ وَتَعَالَى فَعَطْفُ عَلَا عَلَيْهِ تَفْسِيرٌ وَهَذَا الْكَلَامُ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>