للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا إذَا سَجَدَ عَلَى كَفِّهِ كَمَا مَرَّ (وَافْتِرَاشُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى) فِي تَشَهُّدِ الرَّجُلِ (وَالْجَلْسَةُ) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَوَضْعُ يَدَيْهِ فِيهَا عَلَى فَخِذَيْهِ كَالتَّشَهُّدِ لِلتَّوَارُثِ، وَهَذَا مِمَّا أَغْفَلَهُ أَهْلُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ كَمَا فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ. قُلْت: وَيَأْتِي مَعْزِيًّا لِلْمُنْيَةِ فَافْهَمْ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ) فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ. وَفَرَضَ الشَّافِعِيُّ قَوْلَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَنَسَبُوهُ إلَى الشُّذُوذِ وَمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ (وَالدُّعَاءُ) بِمَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَبَقِيَ بَقِيَّةُ تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى تَكْبِيرَاتِ الْقُنُوتِ عَلَى قَوْلٍ، وَالتَّسْمِيعُ لِلْإِمَامِ، وَالتَّحْمِيدُ لِغَيْرِهِ، وَتَحْوِيلُ الْوَجْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً لِلسَّلَامِ

(وَلَهَا آدَابٌ) تَرْكُهُ لَا يُوجِبُ إسَاءَةً وَلَا عِتَابًا كَتَرْكِ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ، لَكِنَّ فِعْلَهُ أَفْضَلُ (نَظَرَهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ حَالَ قِيَامِهِ، وَإِلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ حَالَ رُكُوعِهِ،

ــ

[رد المحتار]

فَلَا يَضُرُّ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عَنْ الْمُنْيَةِ أَنَّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَكَانِهِمَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، وَأَنْ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَمَا فِي مَتْنِ الْمَوَاهِبِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَالْمُنْيَةِ. وَفِي النَّهْرِ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْمُتُونِ، وَأَيَّدَهُ بِكَلَامِ الْخَانِيَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ اتِّصَالَ الْعُضْوِ بِالنَّجَاسَةِ بِمَنْزِلَةِ حَمْلِهَا وَإِنْ كَانَ وَضْعُ ذَلِكَ الْعُضْوِ لَيْسَ بِفَرْضٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَجَدَ عَلَى كَفِّهِ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ كَكَفِّهِ وَفَاضِلِ ثَوْبِهِ، لَا لِاشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَا تَحْتَ الْكَفِّ أَوْ الثَّوْبِ بَلْ لِاشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَحَلِّ السُّجُودِ، وَمَا اتَّصَلَ بِهِ لَا يَصْلُحُ فَاصِلًا فَكَأَنَّهُ سَجَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ مَعَ نَصْبِ الْيُمْنَى سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى أَوْ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَهُ كَذَلِكَ، وَمَا وَرَدَ مِنْ تَوَرُّكِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَحْمُولٌ عَلَى حَالِ كِبَرِهِ وَضَعْفِهِ، وكَذَا يَفْتَرِشُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ قَاسِمٍ عَنْ أَبِي السُّعُودِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ فِي تَشَهُّدِ الرَّجُلِ) أَيْ هُوَ سُنَّةٌ فِيهِ؛ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَتَوَرَّكُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ فِيهَا) أَيْ فِي الْجِلْسَةِ (قَوْلُهُ فَافْهَمْ) لَعَلَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْضًا لِأَنَّ هَذِهِ الْجِلْسَةَ مِثْلُ جِلْسَةِ التَّشَهُّدِ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا مُخَالَفَةٌ لَهَا لَبَيَّنُوا ذَلِكَ كَمَا بَيَّنُوا أَنَّ الْجِلْسَةَ الْأَخِيرَةَ تُخَالِفُ الْأُولَى فِي التَّوَرُّكِ، فَلَمَّا أَطْلَقُوهَا عُلِمَ أَنَّهَا مِثْلُهَا، وَلِهَذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ هُنَا: وَيَجْلِسُ أَيْ الْجُلُوسَ الْمَعْهُودَ.

(قَوْلُهُ وَنَسَبُوهُ) أَيْ نَسَبَهُ قَوْمٌ مِنْ الْأَعْيَانِ مِنْهُمْ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَا يُوَافِقُ الشَّافِعِيَّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ السَّلَامِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمُؤْتَمٍّ وَمُنْفَرِدٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَكَذَا الْإِمَامُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ جَزَمَ بِهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مُقَدَّمَتِهِ (قَوْلُهُ وَتَحْوِيلُ الْوَجْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً لِلسَّلَامِ) وَيُسَنُّ الْبُدَاءَةُ بِالْيَمِينِ، وَنِيَّةُ الْإِمَامِ الرِّجَالَ وَالْحَفَظَةَ وَصَالِحِي الْجِنِّ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ، وَخَفْضُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى، وَمُقَارَنَتُهُ لِسَلَامِ الْإِمَامِ وَانْتِظَارُ الْمَسْبُوقِ سَلَامَ الْإِمَامِ كَذَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ أَوْصَلَ السُّنَنَ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ لَكِنْ عَدَّ بَعْضَهَا فِي الضِّيَاءِ مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ.

[آدَابُ الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ وَلَهَا آدَابٌ) جَمْعُ أَدَبٍ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يُوَاظِب عَلَيْهِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَرَّفَهُ فِي أَوَّلِ الْحِلْيَةِ بِتَعَارِيفَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَقَالَ: وَالظَّاهِرُ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الْأَدَبَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ لَفْظُ جَمْعِهِ (قَوْلُهُ كَتَرْكِ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ) هِيَ السُّنَنُ الْغَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ؛ كَسَيْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي لِبَاسِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَتَرَجُّلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>