للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَغَتْ نِيَّةُ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ. .

[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ، إنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَبَّرَ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ مُحِيطٌ؛ وَلَوْ أَرَادَ بِتَكْبِيرِهِ التَّعَجُّبَ أَوْ مُتَابَعَةَ الْمُؤَذِّنِ لَمْ يَصِرْ شَارِعًا، وَيَجْزِمُ الرَّاءَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَذَانُ جَزْمٌ، وَالْإِقَامَةُ جَزْمٌ، وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ» مِنَحٌ وَمَرَّ فِي الْأَذَانِ (وَ) إنَّمَا (يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ لَا بِهِ) وَحْدَهُ وَلَا بِهَا وَحْدَهَا بَلْ بِهِمَا (وَلَا يَلْزَمُ الْعَاجِزَ عَنْ النُّطْقِ) كَأَخْرَسَ وَأُمِّيٍّ (تَحْرِيكُ لِسَانِهِ) وَكَذَا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ هُوَ الصَّحِيحُ

ــ

[رد المحتار]

وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْحُجَّةِ: إذَا كَبَّرَ فِي التَّطَوُّعِ حَالَةَ الرُّكُوعِ لِلِافْتِتَاحِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ التَّطَوُّعُ يَجُوزُ قَاعِدًا. اهـ.

قُلْت: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَبَّرَ لِلتَّطَوُّعِ قَاعِدًا أَنَّ الْقُعُودَ الْجَائِزَ خَلَفٌ عَنْ الْقِيَامِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَمَّا الرُّكُوعُ فَلَهُ حُكْمُ الْقِيَامِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَلِذَا لَوْ قَرَأَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَغَتْ نِيَّةُ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ) أَيْ لَوْ نَوَى بِهَذِهِ التَّكْبِيرَةِ الرُّكُوعَ وَلَمْ يَنْوِ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَانْصَرَفَتْ إلَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ بِهَا الذِّكْرَ الْخَالِصَ دُونَ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ الصَّلَاةِ وَكَانَتْ التَّحْرِيمَةُ هِيَ الْمَفْرُوضَةُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا شَرْطًا انْصَرَفَتْ إلَى الْفَرْضِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَهُ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ النَّفْلِ؛ كَمَا لَوْ نَوَى بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ الذِّكْرَ وَالثَّنَاءَ كَمَا لَوْ طَافَ لِلرُّكْنِ جُنُبًا وَلِلصَّدْرِ طَاهِرًا انْصَرَفَ الثَّانِي إلَى الرُّكْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ بِالتَّكْبِيرَةِ الْإِعْلَامَ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَاصِدًا لِلذِّكْرِ، فَصَارَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ شُرُوعُهُ كَمَا مَرَّ

[فُرُوعٌ كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ]

(قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ أَصْلًا، وَالْجَوَازُ فِي الثَّالِثَةِ لِحَمْلِ أَمْرِهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَلَكِنَّ الْأَحْوَطَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنْ يُكَبِّرَ ثَانِيًا لِيَقْطَعَ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ. وَوَقَعَ فِي الْفَتْحِ هُنَا سَهْوٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ إلَخْ) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي أَلْغَازِ الْأَشْبَاهِ، وَالثَّانِيَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مَتْنًا فِي الذَّبَائِحِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِرْ شَارِعًا) لِأَنَّ التَّعَجُّبَ وَالْإِجَابَةَ أَجْنَبِيَّانِ عَنْ الصَّلَاةِ مُفْسِدَانِ لَهَا؛ فَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ: لَوْ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَأَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ أَجَابَ الْمُؤَذِّنَ تَفْسُدُ أَيْضًا، وَإِنْ أَذَّنَ فِي صَلَاتِهِ تَفْسُدُ إذَا أَرَادَ الْأَذَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَجْزِمُ الرَّاءَ إلَخْ) أَيْ يُسَكِّنُهَا. مَطْلَبٌ فِي حَدِيثِ الْأَذَانِ جَزْمٌ

قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْنُونَ جَزْمُ التَّكْبِيرِ سَوَاءٌ كَانَ لِلِافْتِتَاحِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، قَالُوا: لِحَدِيثِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمَرْفُوعًا «الْأَذَانُ جَزْمٌ، وَالْإِقَامَةُ جَزْمٌ، وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ» قَالَ فِي الْكَافِي: وَالْمُرَادُ الْإِمْسَاكُ عَنْ إشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَالتَّعَمُّقِ فِيهَا وَالْإِضْرَابُ عَنْ الْهَمْزِ الْمُفْرِطِ وَالْمَدِّ الْفَاحِشِ، ثُمَّ الْهَاءُ تُرْفَعُ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الرَّاءُ فَفِي الْمُضْمَرَاتِ عَنْ الْمُحِيطِ إنْ شَاءَ بِالرَّفْعِ أَوْ بِالْجَزْمِ. وَفِي الْمُبْتَغَى الْأَصْلُ فِيهِ الْجَزْمُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، وَالتَّسْمِيعُ جَزْمٌ» اهـ (قَوْلُهُ وَمَرَّ فِي الْأَذَانِ) وَقَدَّمْنَا بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ حَجٍّ الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُرَادُ بِالتَّكْبِيرِ مُطْلَقُ الذِّكْرِ.

وَالْمَعْنَى أَنَّ النِّيَّةَ لَمَّا كَانَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَكَانَتْ التَّحْرِيمَةُ شَرْطًا أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ وَكَانَتْ النِّيَّةُ سَابِقَةً عَلَى التَّحْرِيمَةِ مُدَامَةً إلَى وُجُودِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، بِأَنْ عَزَبَتْ عَنْ قَلْبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَهَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ رُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّ الشُّرُوعَ يَكُونُ بِهَا وَحْدَهَا، فَبَيَّنَ أَنَّ الشُّرُوعَ إنَّمَا يَكُونُ بِهَا عِنْدَ وُجُودِ التَّحْرِيمَةِ (قَوْلُهُ بَلْ بِهِمَا) أَيْ إنَّهُ لَمَّا لَمْ تَسْتَقِلَّ النِّيَّةُ بِكَوْنِ الشُّرُوعِ بِهَا وَحْدَهَا بَلْ تُوقَفُ عَلَى التَّحْرِيمَةِ صَارَ الشُّرُوعُ بِهِمَا لَا بِأَحَدِهِمَا كَمَا أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>