للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقْنُتُ مَعَ إمَامِهِ فَقَطْ وَيَصِيرُ مُدْرِكًا بِإِدْرَاكِ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ

(وَلَا يَقْنُتُ لِغَيْرِهِ) إلَّا النَّازِلَةَ فَيَقْنُتُ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ، وَقِيلَ فِي الْكُلِّ. [فَائِدَةٌ]

خَمْسٌ يُتَّبَعُ فِيهَا الْإِمَامُ: قُنُوتٌ، وَقُعُودٌ أَوَّلُ، وَتَكْبِيرُ عِيدٍ، وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ، وَسَهْوٌ.

ــ

[رد المحتار]

كَانَ مَا مَرَّ رِوَايَةً فَهِيَ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لِلدِّرَايَةِ. اهـ. قُلْت: وَكَذَا رَجَّحَهُ فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ بِنَحْوِ مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ فَيَقْنُتُ مَعَ إمَامِهِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ أَوَّلُهُمَا حُكْمًا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَهُوَ الْقُنُوتُ؛ وَإِذَا وَقَعَ قُنُوتُهُ فِي مَوْضِعِهِ بِيَقِينٍ لَا يُكَرِّرُ لِأَنَّ تَكْرَارَهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ شَرْحُ الْمُنْيَةِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَقْنُتُ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوِتْرِ، وَهَذَا نَفْيٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ يَقْنُتُ لِلْفَجْرِ.

مَطْلَبٌ فِي الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ

(قَوْلُهُ إلَّا لِنَازِلَةٍ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ: النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّاعُونَ مِنْ أَشَدِّ النَّوَازِلِ أَشْبَاهٌ.

(قَوْلُهُ فَيَقْنُتُ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ) يُوَافِقُهُ مَا فِي الْبَحْرِ والشُّرُنبُلالِيَّة عَنْ شَرْحِ النِّقَابَةِ عَنْ الْغَايَةِ: وَإِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ اهـ وَكَذَا مَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْبَنَانِيَّةِ: إذَا وَقَعَتْ نَازِلَةٌ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، لَكِنْ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْغَايَةِ: قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: فَتَكُونُ شَرْعِيَّتُهُ: أَيْ شَرْعِيَّةُ الْقُنُوتِ فِي النَّوَازِلِ مُسْتَمِرَّةً، وَهُوَ مَحْمَلُ قُنُوتِ مَنْ قَنَتَ مِنْ الصَّحَابَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَعَلَيْهِ.

الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: إنَّمَا لَا يَقْنُتُ عِنْدَنَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ بَلِيَّةٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ أَوْ بَلِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِلنَّوَازِلِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ إلَّا الشَّافِعِيُّ، وَكَأَنَّهُمْ حَمَلُوا مَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ قَنَتَ فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ» كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَأَنَّهُ «قَنَتَ فِي الْمَغْرِبِ» أَيْضًا كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ عَلَى النُّسَخِ لِعَدَمِ وُرُودِ الْمُوَاظَبَةِ وَالتَّكْرَارِ الْوَارِدَيْنِ فِي الْفَجْرِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ قُنُوتَ النَّازِلَةِ عِنْدَنَا مُخْتَصٌّ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْجَهْرِيَّةِ أَوْ السَّرِيَّةِ. وَمُفَادُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الْقُنُوتَ فِي الْفَجْرِ مَنْسُوخٌ مَعْنَاهُ نَسْخُ عُمُومِ الْحُكْمِ لَا نَسْخُ أَصْلِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ نُوحٌ أَفَنْدِي، وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ بِالْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ الْمُنْفَرِدُ، وَهَلْ الْمُقْتَدِي مِثْلُهُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ الْقُنُوتُ هُنَا قَبْلَ الرُّكُوعِ أَمْ بَعْدَهُ؟ لَمْ أَرَهُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يُتَابِعُ إمَامَهُ إلَّا إذَا جَهَرَ فَيُؤَمِّنُ وَأَنَّهُ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَا قَبْلَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى قُنُوتِ الْفَجْرِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ حَمَلَهُ عُلَمَاؤُنَا عَلَى الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَرَاقِي الْفَلَاحِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ بَعْدَهُ؛ وَاسْتَظْهَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّهُ قَبْلَهُ وَالْأَظْهَرُ مَا قُلْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ فِي الْكُلِّ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ إلَّا الشَّافِعِيُّ، وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى جُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَكَانَ يَنْبَغِي عَزْوُهُ إلَيْهِمْ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ خَمْسٌ يُتْبَعُ فِيهَا الْإِمَامُ) أَيْ يَفْعَلُهَا الْمُؤْتَمُّ إنْ فَعَلَهَا الْإِمَامُ وَإِلَّا فَلَا ح؛ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا النَّوْعِ وُجُوبُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْوَاجِبَاتِ فِعْلًا وَكَذَا تَرْكًا، إنْ كَانَتْ فِعْلِيَّةً أَوْ قَوْلِيَّةً يَلْزَمُ مَنْ فَعَلَهَا الْمُخَالَفَةَ فِي الْفِعْلِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ قُنُوتٌ) يُخَالِفُهُ مَا فِي الْفَتْحِ وَالظَّهِيرِيَّةُ وَالْفَيْضِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْقُنُوتَ يَأْتِي بِهِ الْمُؤْتَمُّ إنْ أَمْكَنَهُ مُشَارَكَةُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ وَإِلَّا تَابَعَهُ " وَقَدْ أَعَادَ فِي الْفَتْحِ ذِكْرَ هَذَا الْفَرْعِ قُبَيْلَ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مَعْزِيًّا إلَى نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ التَّفْصِيلُ لِأَنَّ فِيهِ إحْرَازَ الْفَضِيلَتَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَقُعُودٌ أَوَّلُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ إمَامَهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ قَبْلَهُ ثُمَّ يُتَابِعُهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَادَ حِينَئِذٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَيَأْثَمُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>