للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ (شَرَعَ فِيهَا أَدَاءً) خَرَجَ النَّافِلَةُ وَالْمَنْذُورَةُ وَالْقَضَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا (مُنْفَرِدًا ثُمَّ أُقِيمَتْ) أَيْ شُرِعَ فِي الْفَرِيضَةِ فِي مُصَلَّاهُ،

ــ

[رد المحتار]

لَيْسَتْ كَسُنِّيَّةِ جَمَاعَةِ التَّرَاوِيحِ. اهـ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ النَّاسِ الْيَوْمَ اهـ وَقَوَّاهُ الْمُحَشِّي أَيْضًا بِأَنَّهُ مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا شُرِعَ بِجَمَاعَةٍ فَالْمَسْجِدُ أَفْضَلُ فِيهِ.

[بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ]

ِ حَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ الْكَامِلِ، وَكُلُّهُ مَسَائِلُ الْجَامِعِ بَحْرٌ وَفَتْحٌ وَمِعْرَاجٌ.

أَقُولُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَتْمِيمٌ لِبَابِ الْإِمَامَةِ، وَلِذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ عَقِبَهُ، وَتَرْجَمَهُ بِفَصْلِ إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ وَفَضِيلَتِهَا.

(قَوْلُهُ خَرَجَ النَّافِلَةُ إلَخْ) أَيْ خَرَجَ بِالْفَرِيضَةِ النَّافِلَةُ وَالنَّذْرُ، وَكَذَا بِالْأَدَاءِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ، فَالنَّفَلُ وَالنَّذْرُ لَا وَقْتَ لَهُمَا، وَالْقَضَاءُ فِعْلُهُ خَارِجَ وَقْتِهِ. قَالَ ح: فَقَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي: وَالشَّارِعُ فِي نَفْلٍ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ.

(قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ) يَعْنِي إذَا شَرَعَ فِي صَلَاةِ قَضَاءٍ ثُمَّ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي قَضَاءِ فَرْضٍ فَأُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ فِي ذَلِكَ الْفَرْضِ بِعَيْنِهِ يَقْطَعُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا وَجَزَمَ بِهِ فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ. اهـ. ح.

أَقُولُ: وَجَزَمَ بِهِ الْمَقْدِسِيَّ أَيْضًا؛ وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ فَلَمْ أَرَهُ فِيهِ. وَاَلَّذِي رَأَيْته فِيهِ مَعْزِيًّا لِلْخُلَاصَةِ: لَوْ شَرَعَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ثُمَّ أُقِيمَتْ لَا يَقْطَعُ كَالنَّفْلِ وَالْمَنْذُورَةُ كَالْفَائِتَةِ. اهـ.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ خَافَ فَوْتَ جَمَاعَةِ الْحَاضِرَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ قَضَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهَلْ يَقْضِي لِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى حَسَبِ مَا وَجَبَ، وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ فَإِنَّ التَّرْتِيبَ لَا يَسْقُطُ عِنْدَهُ بِالْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَنَا، أَمْ يَقْتَدِي لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ وَإِمْكَانِ تَلَافِيه. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: لَمْ أَرَهُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ اخْتِلَافَ التَّرْجِيحِ فِيهِ. وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِيَ.

قُلْت: وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا أَوْ فِي حُكْمِ الْوَاجِبِ، وَلِذَا يَتْرُكُ لِأَجْلِهَا سُنَّةَ الْفَجْرِ الَّتِي قِيلَ عِنْدَنَا بِوُجُوبِهَا، وَمُرَاعَاةُ خِلَافِ الْإِمَامِ مَالِكٍ مُسْتَحَبَّةٌ، فَلَا يَنْبَغِي تَفْوِيتُ الْوَاجِبِ لِأَجْلِ الْمُسْتَحَبِّ.

(قَوْلُهُ أَيْ شُرِعَ فِي الْفَرِيضَةِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَفِي الْفَرِيضَةِ نَائِبُ الْفَاعِلِ: أَيْ شَرَعَ فِيهَا الْإِمَامُ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى وَنَحْوِهِمَا أَوْلَى مِنْ الِانْفِرَادِ، وَكَذَا بِالْمُخَالِفِ الَّذِي يُرَاعِي فِي الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ. وَعَلَيْهِ فَيَقْطَعُ وَيَقْتَدِي بِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، فَحَيْثُ حَصَلَتْ بِلَا كَرَاهَةٍ، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ كَانَ الْقَطْعُ وَالِاقْتِدَاءُ أَوْلَى وَقَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْجَمَاعَاتُ وَسَبَقَتْ جَمَاعَةُ الشَّافِعِيَّةِ فَبَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ أَوَّلِ جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ انْتِظَارَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُوَافِقِ أَفْضَلُ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ لِعَدَمِ مُرَاعَاتِهِ فِي الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ وَإِنْ رَاعَى فِي الْفُرُوضِ وَاسْتَظْهَرْنَا هُنَاكَ عَدَمَ كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ مُفْسِدًا كَمَا مَال إلَيْهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ، وَأَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ إمَامَ مَذْهَبِهِ بَعِيدًا عَنْ الصُّفُوفِ لَمْ يَكُنْ إعْرَاضًا عَنْ الْجَمَاعَةِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ يُرِيد جَمَاعَةً أَكْمَلَ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَعَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا حَتَّى عَلَى قَوْلِ الْكَمَالِ الْآتِي.

بَقِيَ لَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ثُمَّ شَرَعَ مَنْ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ هَلْ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي بِهِ؟ اسْتَظْهَرَ ط أَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ فَاسِقًا لَا يَقْطَعُ، وَلَوْ مُخَالِفًا وَشَكَّ فِي مُرَاعَاتِهِ يَقْطَعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>