للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا الصَّوْمُ لَوْ مِنْ رَمَضَانَيْنِ هُوَ الْأَصَحُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُطْلِعَ غَيْرَهُ عَلَى قَضَائِهِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُظْهِرُهَا.

بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ وَأَوْلَاهُ بِالْفَوَائِتِ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ مَا فَاتَ، وَهُوَ وَالنِّسْيَانُ وَالشَّكُّ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالظَّنُّ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ وَالْوَهْمُ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ (يَجِبُ

ــ

[رد المحتار]

أَيْضًا كَمَا فِي صَوْمِ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَصَحَّحَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُنْيَةِ، لَكِنْ اسْتَشْكَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا كَقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَالْأَصَحُّ الِاشْتِرَاطُ. اهـ.

قُلْت: وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُلْتَقَى هُنَاكَ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْفَتْحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَحْثِ النِّيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ هُنَا صَاحِبُ الدُّرَرِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ لَوْ مِنْ رَمَضَانَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّ رَمَضَانَ سَبَبٌ لِصَوْمِهِ فَصَارَا كَظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ فَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْقَضَاءَ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَذَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَّلَهُ الشَّارِحُ بِمَا هُنَا مِنْ أَنَّ التَّأْخِيرَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُظْهِرُهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ هُوَ الْقَضَاءُ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنْ يَنْبَغِيَ هُنَا لِلْوُجُوبِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ لِأَنَّ إظْهَارَ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْجِهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحُ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَيَقُولُ عَمِلْت الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

ِ (قَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَهِيَ الْأَصْلُ فِي الْإِضَافَاتِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ، وَأَقْوَاهُ اخْتِصَاصُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ اهـ لَكِنَّ فِيهِ أَنَّ السُّجُودَ لَيْسَ حُكْمًا بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقُهُ وَالْحُكْمُ هُنَا الْوُجُوبُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وُجُوبُ سُجُودِ السَّهْوِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَأَوْلَاهُ بِالْفَوَائِتِ) أَيْ قَرَنَهُ بِهَا عَلَى طَرِيقِ التَّضْمِينِ وَلِذَا عَدَّاهُ بِالْبَاءِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْوَلِيِّ بِمَعْنَى الْقُرْبِ وَالدُّنُوِّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، فَيُعَدَّى إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِمِنْ لَا بِالْبَاءِ. يُقَالُ: أَوْلَيْتُ زَيْدًا مِنْ عَمْرٍو: أَيْ قَرَّبْتُهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِ مَا فَاتَ) أَيْ مَا تُرِكَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فِي مَحَلِّهِ، كَمَا أَنَّ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ لِإِصْلَاحِ مَا فَاتَ وَقْتُهُ بِفِعْلِهِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ السَّهْوُ.

(قَوْلُهُ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ) خَبَرٌ عَنْ هُوَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ: أَيْ مَعْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَفِي ذِكْرِ الشَّكِّ نَظَرٌ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ التَّحْرِيرِ لَا فَرْقَ فِي اللُّغَةِ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالسَّهْوِ، وَهُوَ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ الشَّيْءِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: السَّهْوُ الْغَفْلَةُ عَنْ الْمَعْلُومِ، فَيَتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنَبُّهٍ. وَالنِّسْيَانُ زَوَالُ الْمَعْلُومِ. وَقَالَ الْحُكَمَاءُ: السَّهْوُ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ. وَالنِّسْيَانُ: زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ.

(قَوْلُهُ وَالظَّنُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْيَقِينِ حَتَّى يُسَمَّى عِلْمًا، وَلَا تَسَاوَتْ جِهَتَاهُ حَتَّى يُسَمَّى شَكًّا، بَلْ تَرَجَّحَتْ فِيهِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَالْمَرْجُوحَةُ وَهْمٌ وَالرَّاجِحَةُ ظَنٌّ، فَإِنْ زَادَ الرُّجْحَانُ بِلَا جَزْمٍ فَهُوَ غَلَبَةُ الظَّنِّ.

(قَوْلُهُ يَجِبُ لَهُ) أَيْ لِلسَّهْوِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ سَهْوًا ح. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْقُدُورِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>