للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّهَا تُكْرَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْجَهَلَةَ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْرَأَهَا فِي مُخَافَتَةٍ وَنَحْوِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ تُؤَدَّى بِرُكُوعِ الصَّلَاةِ أَوْ سُجُودِهَا وَلَوْ تَلَا عَلَى الْمِنْبَرِ سَجَدَ وَسَجَدَ السَّامِعُونَ.

بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ أَوْ مَحِلِّهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَارِضٌ هُوَ عِبَادَةٌ وَالسَّفَرَ عَارِضٌ مُبَاحٌ إلَّا بِعَارِضٍ

ــ

[رد المحتار]

فَرَاجِعْهُمَا. وَفِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يُمْنَعُ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُضُوعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي فُرُوقِ الْأَشْبَاهِ: سَجْدَةُ الشُّكْرِ جَائِزَةٌ عِنْدَهُ لَا وَاجِبَةٌ وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً وُجُوبًا وَفِيهَا مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي سُنِّيَّتِهَا لَا فِي الْجَوَازِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّهَا تُكْرَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ) الضَّمِيرُ لِلسَّجْدَةِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ آخِرَ الْكِتَابِ عَنْ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلزَّاهِدِيِّ: أَمَّا بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَمَا يُفْعَلُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّ الْجُهَّالَ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ انْتَهَى.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا لَيْسَ لَهَا سَبَبٌ لَا تُكْرَهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ فِعْلُهَا إلَى اعْتِقَادِ الْجَهَلَةِ سُنِّيَّتَهَا كَاَلَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَرَأَيْت مَنْ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْوِتْرِ وَيَذْكُرُ أَنَّ لَهَا أَصْلًا وَسَنَدًا فَذَكَرْت لَهُ مَا هُنَا فَتَرَكَهَا ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَأَمَّا مَا ذَكَرَ فِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ» إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ ". فَحَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ.

(قَوْلُهُ فَمَكْرُوهٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ط.

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَ السُّجُودَ لَهَا فَقَدْ تَرَكَ وَاجِبًا وَإِنْ سَجَدَ يَشْتَبِهُ عَلَى الْمُقْتَدِينَ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) أَشَارَ بِنَحْوِ إلَى أَنَّ الظُّهْرَ مَثَلًا لَوْ أُدِّيَتْ بِجَمْعٍ عَظِيمٍ فَهِيَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ ح.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ إلَخْ) بِأَنْ كَانَتْ فِي آخِرِ السُّورَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ فِي الْوَسَطِ وَرَكَعَ لَهَا فَوْرًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَالَ ح: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْوِيَهَا فِي الرُّكُوعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَحْذُورِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُؤْتَمَّ إذَا لَمْ يَنْوِهَا فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَيُعِيدَ الْقَعْدَةَ.

(قَوْلُهُ سَجَدَ) أَيْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَسَجَدَ السَّامِعُونَ) أَيْ لَا غَيْرُهُمْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ تَتَارْخَانِيَّةٌ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ تَلَاهَا الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَهَا مَعَهُ مَنْ سَمِعَهَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَلَا سَجْدَةً عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ» اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

قَدَّرَ الشَّارِحُ صَلَاةً لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْبَابِ. وَالسَّفَرُ لُغَةً قَطْعُ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَالْمُرَادُ سَفَرٌ خَاصٌّ وَهُوَ الَّذِي تَتَغَيَّرُ بِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَإِبَاحَةِ الْفِطْرِ وَامْتِدَادِ مُدَّةِ الْمَسْحِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَسُقُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَحُرْمَةِ الْخُرُوجِ عَلَى الْحُرَّةِ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ ط عَنْ الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ) أَيْ الصَّلَاةِ إلَى شَرْطِهِ أَيْ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لَهَا ح. وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ السَّفَرُ لَا الْمُسَافِرُ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَحَلِّهِ) فَإِنَّ الْمُسَافِرَ مَحَلٌّ لَهَا أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ أَنَّ كُلَّ فَاعِلٍ مَحَلٌّ وَلَا عَكْسَ ح (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى) شُرُوعٌ فِي وَجْهِ تَأْخِيرِهِ عَنْ التِّلَاوَةِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ الْمُنَاسَبَةُ وَهِيَ الْعُرُوض فِي كُلٍّ ط أَيْ الْعُرُوضِ الْمُكْتَسَبِ بِخِلَافِ السَّهْوِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَارِضٌ سَمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَّا بِعَارِضٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ عِبَادَةٌ وَقَوْلُهُ مُبَاحٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>