للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَمْشِي عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا (وَلَوْ مَشَى أَمَامَهَا جَازَ) وَفِيهِ فَضِيلَةٌ أَيْضًا (وَ) لَكِنْ (إنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا أَوْ تَقَدَّمَ الْكُلُّ) أَوْ رَكِبَ أَمَامَهَا

(كُرِهَ) كَمَا كُرِهَ فِيهَا رَفْعُ صَوْتٍ بِذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ فَتْحٌ

(وَحَفْرُ قَبْرِهِ)

ــ

[رد المحتار]

وَلَا يَرِدُ الْوَلِيمَةَ - حَيْثُ يَتْرُكُ حُضُورَهَا لِبِدْعَةٍ فِيهَا - لِلْفَارِقِ، بِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا الْمَشْيَ مَعَ الْجِنَازَةِ لَزِمَ عَدَمُ انْتِظَامِهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْوَلِيمَةُ لِوُجُودِ مَنْ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاتِّبَاعِهَا الْمَشْيُ مَعَهَا مُطْلَقًا لَا خُصُوصُ الْمَشْيِ خَلْفَهَا، بَلْ يُتْرَكُ الْمَشْيُ خَلْفَهَا إذَا كَانَتْ نَائِحَةً، لِمَا مَرَّ عَنْ الِاخْتِيَارِ، وَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْشِي عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَا بَأْسَ بِهِ، فَأَفَادَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ اتِّبَاعُهَا (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ أَيْضًا) أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: إنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا) أَيْ بِحَيْثُ يُعَدُّ مَاشِيًا وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقَدَّمَ الْكُلُّ) أَيْ وَتَرَكُوهَا خَلْفَهُمْ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ (قَوْلُهُ أَوْ رَكِبَ أَمَامَهَا) لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِمَنْ خَلْفَهُ بِإِثَارَةِ الْغُبَارِ، أَمَّا الرُّكُوبُ خَلْفَهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ كُرِهَ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ رَمْلِيٌّ. أَقُولُ: لَكِنْ إنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِالرُّكُوبِ أَمَامَهَا فَهِيَ تَحْرِيمِيَّةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا كُرِهَ إلَخْ) قِيلَ تَحْرِيمًا، وَقِيلَ تَنْزِيهًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْغَايَةِ. وَفِيهِ عَنْهَا: وَيَنْبَغِي لِمَنْ تَبِعَ الْجِنَازَةَ أَنْ يُطِيلَ الصَّمْتَ. وَفِيهِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ - تَعَالَى - يَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] أَيْ الْجَاهِرِينَ بِالدُّعَاءِ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَمْشِي مَعَهَا اسْتَغْفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. اهـ. قُلْت: وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فَمَا ظَنُّك بِالْغِنَاءِ الْحَادِثِ فِي هَذَا الزَّمَانِ.

[مطلب فِي دفن الْمَيِّت]

(قَوْلُهُ وَحَفْرُ قَبْرِهِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي مَسَائِلِ الدَّفْنِ. وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ أَمْكَنَ إجْمَاعًا حِلْيَةٌ. وَاحْتَرَزَ بِالْإِمْكَانِ عَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَمَا لَوْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ كَمَا يَأْتِي. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ دَفْنُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِبِنَاءٍ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا، وَأَشَارَ بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَكَذَا بَعْدَهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَلَا يُحْفَرُ قَبْرٌ لِدَفْنِ آخَرَ إلَّا إنْ بَلِيَ الْأَوَّلُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَظْمٌ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فَتُضَمُّ عِظَامُ الْأَوَّلِ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ. وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْفَسَاقِيِ اهـ وَهِيَ كَبَيْتٍ مَعْقُودٍ بِالْبِنَاءِ يَسَعُ جَمَاعَةً قِيَامًا لِمُخَالَفَتِهَا السُّنَّةَ إمْدَادٌ. وَالْكَرَاهَةُ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ: عَدَمِ اللَّحْدِ، وَدَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ بِلَا حَاجِزٍ، وَتَجْصِيصِهَا، وَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا بَحْرٌ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَخُصُوصًا إنْ كَانَ فِيهَا مَيِّتٌ لَمْ يَبْلُ؛ وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْحَفَّارِينَ مِنْ نَبْشِ الْقُبُورِ الَّتِي لَمْ تَبْلُ أَرْبَابُهَا، وَإِدْخَالِ أَجَانِبَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ مِنْ الْمُنْكَرِ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِجَمْعِ مَيِّتَيْنِ فَأَكْثَرَ ابْتِدَاءً فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ قَصْدَ دَفْنِ الرَّجُلِ مَعَ قَرِيبِهِ أَوْ ضِيقِ الْمَحَلِّ فِي تِلْكَ الْمَقْبَرَةِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُتَبَرَّكُ بِالدَّفْنِ فِيهَا فَضْلًا عَنْ كَوْنِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ مُبِيحًا لِلنَّبْشِ، وَإِدْخَالِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ قَبْلَ الْبِلَى مَعَ مَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، وَتَفْرِيقِ أَجْزَائِهِ، فَالْحَذَرُ مِنْ ذَلِكَ اهـ: وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ اهـ. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَيُخَالِفُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا صَارَ الْمَيِّتُ تُرَابًا فِي الْقَبْرِ يُكْرَهُ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بَاقِيَةٌ، وَإِنْ جَمَعُوا عِظَامَهُ فِي نَاحِيَةٍ ثُمَّ دُفِنَ غَيْرُهُ فِيهِ تَبَرُّكًا بِالْجِيرَانِ الصَّالِحِينَ، وَيُوجَدُ مَوْضِعٌ فَارِغٌ يُكْرَهُ ذَلِكَ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>