للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الشَّهِيدِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ أَوْ فَاعِلٌ لِأَنَّهُ حَيٌّ عِنْدَ رَبِّهِ فَهُوَ شَاهِدٌ. (هُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ طَاهِرٍ) فَالْحَائِضُ إنْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُسِّلَتْ وَإِلَّا لَا لِعَدَمِ كَوْنِهَا حَائِضًا «وَلَمْ يُعِدْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

ــ

[رد المحتار]

اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالْمَحَارِيبِ وَالْجُدْرَانِ وَمَا يُفْرَشُ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِاحْتِرَامِهِ، وَخَشْيَةِ وَطْئِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ إهَانَةٌ فَالْمَنْعُ هُنَا بِالْأَوْلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَوْ يُنْقَلْ فِيهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ فَتَأَمَّلْ، نَعَمْ نَقَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ فَوَائِدِ الشَّرْجِيِّ أَنَّ مِمَّا يُكْتَبُ عَلَى جَبْهَةِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مِدَادٍ بِالْأُصْبُعِ الْمُسَبِّحَةِ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم - وَعَلَى الصَّدْرِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْغُسْلِ قَبْلَ التَّكْفِينِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الشَّهِيدِ]

أَخْرَجَهُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مُبَوِّبًا لَهُ مَعَ أَنَّ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْفَضِيلَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَعِيلٌ إلَخْ) وَهُوَ إمَّا مِنْ الشُّهُودِ: أَيْ الْحُضُورِ، أَوْ مِنْ الشَّهَادَةِ أَيْ الْحُضُورِ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ بِالْبَصَرِ أَوْ بِالْبَصِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ) أَفَادَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ حَذْفُ اللَّامِ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ ح، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الشُّهُودِ فَلِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ إكْرَامًا لَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَيٌّ إلَخْ) هَذَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الشُّهُودِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الشَّهَادَةِ فَلِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهُ وَهُوَ دَمُهُ وَجُرْحُهُ، أَوْ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ بِالْكُفْرِ (قَوْلُهُ هُوَ إلَخْ) أَيْ الشَّهِيدُ فِي الْعُرْفِ مَا ذَكَرَ، وَهُوَ تَعْرِيفٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الْآتِي أَعْنِي عَدَمَ تَغْسِيلِهِ وَنَزْعِ ثِيَابِهِ لَا لِمُطْلَقِهِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كُلُّ مُكَلَّفٍ) هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ، خَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَيُغَسَّلَانِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ السَّيْفَ أَغْنَى عَنْ الْغُسْلِ لِكَوْنِهِ طُهْرَةً وَلَا ذَنْبَ لِلصَّبِيِّ، وَلَا لِلْمَجْنُونِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُقَيِّدَ الْمَجْنُونَ بِمَنْ بَلَغَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا خَفَاءَ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى مَا يُطَهِّرُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا مَاتَ عَلَى جُنُونِهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا مَضَى لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّوْبَةِ بَحْرٌ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِيمَا إذَا جُنَّ عَقِبَ الْمَعْصِيَةِ، أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْدَهَا زَمَنٌ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى التَّوْبَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: مُسْلِمٍ) أَمَّا الْكَافِرُ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ، وَإِنْ قُتِلَ ظُلْمًا فَلِقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ تَغْسِيلُهُ كَمَا مَرَّ وَمَا فِي ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ طَاهِرٍ) أَيْ لَيْسَ بِهِ جَنَابَةٌ وَلَا حَيْضٌ وَلَا نِفَاسٌ وَلَا انْقِطَاعُ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، فَإِذَا اُسْتُشْهِدَ الْجُنُبُ يُغَسَّلُ، وَهَذَا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، فَإِذَا انْقَطَعَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَاسْتُشْهِدَتْ فَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ، وَإِنْ اُسْتُشْهِدَتْ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ تُغَسَّلُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تُغَسَّلُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا بَعْدَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا تُغَسَّلُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْغُسْلَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهَا كَمَا لَوْ انْقَطَعَ قَبْلَ الثَّلَاثِ فَإِنَّهَا لَا تُغَسَّلُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَالْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ فَالْحَائِضُ) الْمُرَادُ بِهَا مَنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ لَا مَنْ اتَّصَفَتْ بِالْحَيْضِ لِئَلَّا يُنَافِيَ قَوْلَهُ لِعَدَمِ كَوْنِهَا حَائِضًا فَافْهَمْ. وَاقْتَصَرَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْمُحْتَرَزَاتِ لِخَفَائِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ فِي النُّفَسَاءِ لِأَنَّ النِّفَاسَ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَرَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا تُغَسَّلُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ السِّرَاجِ وَالْمِعْرَاجِ؛ فَمَا فِي الْإِمْدَادِ مِنْ أَنَّ الْحَائِضَ تُغَسَّلُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ، أَوْ قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيهِ سَهْوٌ أَوْ سَقْطٌ، وَصَوَابُهُ، أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ اسْتِمْرَارِهِ إلَخْ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْ إلَخْ) اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ لِمَنْ قُتِلَ جُنُبًا بِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا قُتِلَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الثَّقَفِيِّ «إنَّ صَاحِبَكُمْ حَنْظَلَةَ تُغَسِّلُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَسَأَلُوا زَوْجَتَهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>