للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَطْرَةً. وَفِي الْفَيْضِ أَقَلُّهُ قَطْرَتَانِ فِي الْأَصَحِّ (مَرَّةً) لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ (وَهُوَ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ، وَاشْتِقَاقُ الثُّلَاثِيِّ مِنْ الْمَزِيدِ إذَا كَانَ أَشْهَرَ فِي الْمَعْنَى شَائِعٌ كَاشْتِقَاقِ الرَّعْدِ مِنْ الِارْتِعَادِ وَالْيَمِّ مِنْ التَّيَمُّمِ (مِنْ مَبْدَإِ سَطْحِ جَبْهَتِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ (إلَى أَسْفَلِ ذَقَنِهِ)

ــ

[رد المحتار]

اسْتِعْمَالَ الدُّهْنِ لَمْ يَجُزْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ بِالثَّلْجِ وَلَمْ يَقْطُرْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَجُزْ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ هُوَ مُجَرَّدُ بَلِّ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ سَالَ أَوْ لَمْ يَسِلْ. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ صَرَّحَ كَغَيْرِهِ بِذِكْرِ التَّقَاطُرِ مَعَ الْإِسَالَةِ وَإِنْ كَانَ حَدُّ الْإِسَالَةِ أَنْ يَتَقَاطَرَ الْمَاءُ لِلتَّأْكِيدِ، وَزِيَادَةُ التَّنْبِيهِ عَلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ قِيلَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إنَّهُ سَالَ مِنْ الْعُضْوِ قَطْرَةٌ أَوْ قَطْرَتَانِ وَلَمْ يَتَدَارَكْ. اهـ.، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى لَمْ يَتَدَارَكْ لَمْ يَقْطُرْ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنْ قَطَرَ بَعْدَ مُهْلَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ السَّيَلَانِ الْمُصَاحِبِ لِلتَّقَاطُرِ احْتِرَازًا عَمَّا لَا يُتَدَارَكُ فَافْهَمْ، ثُمَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ الْبَلَّ بِلَا تَقَاطُرٍ مَسْحٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْأَعْضَاءُ كُلُّهَا مَمْسُوحَةً مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغَسْلِ وَالْمَسْحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطْرَةً) عَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقَاطُرُ بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ. اهـ. ح.

(قَوْلُهُ: أَقَلُّهُ قَطْرَتَانِ) يَدُلُّ عَلَيْهِ صِيغَةُ التَّفَاعُلِ. اهـ. ح.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلْفَرْضِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي صَدَدِ بَيَانِ الْغَسْلِ الْمَفْرُوضِ وَسَيَأْتِي أَنَّ التَّقْتِيرَ مَكْرُوهٌ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ التَّقْتِيرِ عَلَى مَا دُونَ الْقَطْرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ لِمَا عَلِمْت، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي التَّقْتِيرُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ، بِأَنْ يَكُونَ التَّقَاطُرُ ظَاهِرًا لِيَكُونَ غَسْلًا بِيَقِينٍ، وَبِدُونِهَا يَقْرَبُ إلَى حَدِّ الدَّهْنِ وَرُبَّمَا لَا يُتَيَقَّنُ بِسَيَلَانِ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ فَلِذَاكِرِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْرَ) وَهُوَ هُنَا قَوْله تَعَالَى - {فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦]-.

(قَوْلُهُ: لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ) أَيْ لَا يَسْتَلْزِمُهُ بَلْ وَلَا يَحْتَمِلُهُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجِيٍّ كَتَكَرُّرِ الصَّلَاةِ لِتَكَرُّرِ أَوْقَاتِهَا. مَطْلَبٌ فِي مَعْنَى الِاشْتِقَاقِ وَتَقْسِيمِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.

(قَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالِاشْتِقَاقِ الْأَخْذُ مَجَازًا عَلَاقَتُهُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ، إذْ الِاشْتِقَاقُ فِي الصَّرْفِ أَخْذُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْعَشَرَةِ مِنْ الْمَصْدَرِ وَهِيَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعُ وَالْأَمْرُ وَاسْمُ الْفَاعِلِ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَاسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ وَالْوَجْهُ لَيْسَ مِنْهَا اهـ ح لَكِنْ فِي تَعْرِيفَاتِ السَّيِّدِ، الِاشْتِقَاقُ نَزْعُ لَفْظٍ مِنْ آخَرَ بِشَرْطِ مُنَاسَبَتِهِمَا مَعْنًى وَتَرْكِيبًا وَمُغَايَرَتِهِمَا فِي الصِّيغَةِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَنَاسُبٌ فِي الْحُرُوفِ وَالتَّرْتِيبِ كَضَرَبَ مِنْ الضَّرْبِ فَهُوَ اشْتِقَاقٌ صَغِيرٌ، أَوْ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى دُونَ التَّرْتِيبِ كَجَبَذَ مِنْ الْجَذْبِ فَكَبِيرٌ، أَوْ فِي الْمَخْرَجِ كَنَعَقَ مِنْ النَّهْقِ فَأَكْبَرُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ قَالَ: وَقَدْ تُسَمَّى أَصْغَرَ وَصَغِيرًا وَأَكْبَرَ، وَقَدْ تُسَمَّى أَصْغَرَ وَأَوْسَطَ وَأَكْبَرَ، الْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: شَائِعٌ) خَبَرُ اشْتِقَاقٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى الِاشْتِقَاقِ أَنْ يَنْتَظِمَ الصِّيغَتَيْنِ فَأَكْثَرَ مَعْنًى وَاحِدٌ وَفِي هَذَا لَا تَوْقِيتَ، بِأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ ثُلَاثِيًّا، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَشْهَرَ وَأَقْرَبَ لِلْفَهْمِ مِنْ الثُّلَاثِيِّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَصَحَّ ذِكْرُ الِاشْتِقَاقِ لِإِيضَاحِ مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَزِيدُ أَصْلًا لَهُ أَفَادَهُ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الِارْتِعَادِ) أَيْ الِاضْطِرَابِ أُخِذَ مِنْهُ الرَّعْدُ، لِاضْطِرَابِهِ فِي السَّمَاءِ أَوْ اضْطِرَابِ السَّحَابِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَمِّ) وَهُوَ الْبَحْرُ، مِنْ التَّيَمُّمِ: وَهُوَ الْقَصْدُ: قَالَ فِي الْكَشَّافِ: لِأَنَّ النَّاسَ يَقْصِدُونَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَاشْتِقَاقُ الْبُرْجِ مِنْ التَّبَرُّجِ لِظُهُورِهِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَالْجِنُّ مِنْ الِاجْتِنَانِ، لِاسْتِتَارِهِمْ عَنْ الْعُيُونِ.

(قَوْلُهُ: سَطْحِ جَبْهَتِهِ) أَيْ أَعْلَاهَا ط.

(قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ) وَهِيَ كَوْنُ الْمُتَوَضِّئِ أَوْ الْمُكَلَّفِ فَاعِلَ الْمَصْدَرِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>