للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا شَمْسِيٌّ) وَسَيَجِيءُ الْفَرْقُ فِي الْعِنِّينِ.

(شَكَّ أَنَّهُ أَدَّى الزَّكَاةَ أَوْ لَا يُؤَدِّيهَا) لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمُرُ أَشْبَاهٌ.

بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ أَلْ فِيهِ لِلْمَعْهُودِ فِي حَدِيثِ «هَاتُوا رُبُعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ السَّائِمَةِ لِأَنَّ زَكَاتَهَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِهِ. (نِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا وَالْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ كُلُّ عَشْرَةِ) دَرَاهِمَ (وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ)

ــ

[رد المحتار]

مِنْ آخَرَ وَأَدَّى الزَّكَاةَ إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ، فَإِنْ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَقْدِرْ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَذَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَغَيْرِهَا.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ سِرًّا أَنَّ الْوَرَثَةَ إنْ عَلِمُوا بِذَلِكَ كَانَ لَهُمْ أَخْذُ الزَّائِدِ قَضَاءً وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْمُوَرِّثُ جَائِزٌ دِيَانَةً لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا إلَى أَدَاءِ الْفَرْضِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ فِي شَرْحِ الْكَافِي قَائِلًا وَهُوَ الصَّحِيحُ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِالْقَضَاءِ وَالدِّيَانَةِ أَيْ بِحَمْلِ الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا مِنْ الثُّلُثِ الْمُقَابِلِ لِلصَّحِيحِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْقَضَاءِ وَالْأَوَّلُ عَلَى الدِّيَانَةِ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ الْفَرْقُ فِي الْعِنِّينِ) عِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ وَأَجَلُ سَنَةٍ قَمَرِيَّةٍ بِالْأَهِلَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ وَبَعْضُ يَوْمٍ، وَقِيلَ شَمْسِيَّةً بِالْأَيَّامِ وَهِيَ أَزْيَدُ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. اهـ.

ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ فِي ابْتِدَاءِ الْأَهِلَّةِ، فَلَوْ مَلَكَهُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ، قِيلَ يُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ، وَقِيلَ يُكْمِلُ الْأَوَّلَ مِنْ الْأَخِيرِ وَيُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا بِالْأَهِلَّةِ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِي الْعِدَّةِ ط.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمُرُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ: فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا شَكَّ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ أَصَلَّاهَا أَمْ لَا؟ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعُمُرَ كُلَّهُ وَقْتٌ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ شَكٍّ وَقَعَ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يُعِيدُ اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَعَتْ حَادِثَةٌ هِيَ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ يُؤَدِّي مُتَفَرِّقًا وَلَا يَضْبِطُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا لُزُومُ الْإِعَادَةِ حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ دَفْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالشَّكِّ. اهـ.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَحَرَّى فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى: كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، فَمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَدَّاهُ سَقَطَ عَنْهُ وَأَدَّى الْبَاقِيَ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ أَدَّى الْكُلَّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. .

[بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ]

ِ (قَوْلُهُ: أَلْ فِيهِ لِلْمَعْهُودِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمَالَ اسْمٌ لِمَا يُتَمَوَّلُ فَيَتَنَاوَلُ السَّوَائِمَ أَيْضًا، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِهَذَا الْجَوَابِ اسْتَغْنَى عَمَّا قِيلَ فِي الْمَالِ فِي عُرْفِنَا يَتَبَادَرُ إلَى النَّقْدِ وَالْعُرُوضِ اهـ أَقُولُ: الْجَوَابُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ، وَالثَّانِي ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ تَبَادُرَ الذِّهْنِ إلَى الْمَعْهُودِ فِي الْعُرْفِ أَقْرَبُ مِنْ تَبَادُرِهِ إلَى الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِهِ) أَيْ بِرُبُعِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ: عِشْرُونَ مِثْقَالًا) فَمَا دُونَ ذَلِكَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ نُقْصَانًا يَسِيرًا يَدْخُلُ بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي كَمَالِ النِّصَابِ فَلَا حُكْمَ بِكَمَالِهِ مَعَ الشَّكِّ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ.

وَالْمِثْقَالُ لُغَةً: مَا يُوزَنُ بِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. وَعُرْفًا مَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ: كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ) اعْلَمْ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُخْتَلِفَةً، فَمِنْهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عَلَى وَزْنِ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ، وَعَشَرَةٌ عَلَى سِتَّةِ مَثَاقِيلَ، وَعَشَرَةٌ عَلَى خَمْسَةِ مَثَاقِيلَ، فَأَخَذَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ثُلُثًا كَيْ لَا تَظْهَرَ الْخُصُومَةُ فِي الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فَثُلُثُ عَشَرَةٍ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، وَثُلُثُ سِتَّةٍ اثْنَانِ وَثُلُثُ الْخَمْسَةِ دِرْهَمٌ وَثُلُثَانِ فَالْمَجْمُوعُ سَبْعَةٌ، وَإِنْ شِئْت فَاجْمَعْ الْمَجْمُوعَ فَيَكُونُ إحْدَى وَعِشْرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>