للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابٌ) قَذْفُ

ــ

[منح الجليل]

الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (لَمْ نُشْهِدْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ (حُدَّا) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ حَدَّ الزِّنَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الدُّخُولِ بِلَا إشْهَادٍ. فِيهَا إذَا قَالَتْ امْرَأَةٌ زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ وَقَالَ الرَّجُلُ هِيَ زَوْجَتِي، وَقَدْ وَطِئْتهَا أَوْ وُجِدَا فِي بَيْتٍ فَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ حُدَّا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ الْإِظْهَارُ وَالْإِعْلَانُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَامِ الْقَذْفِ]

(بَابٌ)

فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَذْفِ

(قَذْفُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَفَاءٌ فِي التَّوْضِيحِ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الرَّمْيُ إلَى بُعْدٍ، ثُمَّ نُقِلَ شَرْعًا إلَى مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ رَمَاهُ بِمَا يَبْعُدُ وَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَمْيًا فَقَالَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] . وَيُسَمَّى فِرْيَةً أَيْضًا مِنْ الِافْتِرَاءِ أَيْ الْكَذِبِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ إجْمَاعًا. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُد عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ سَبَّهُ بِهِ حُبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرٍ مِنْ جُسُورِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَهُ» ، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ أَخَصُّ مِنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ بِالزِّنَا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ، وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ، فَيَخْرُجُ قَذْفُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ.

الْحَطّ حَدُّهُ الْأَخَصَّ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ قَذْفِ الْمَجْنُونِ فِيهِ، وَفِي التَّوْضِيحِ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا إذَا كَانَ جُنُونُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ إلَى حِينِ قَذْفِهِ لَمْ تَتَخَلَّلْهُ إفَاقَةٌ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ لَوْ صَحَّ فِعْلُهُ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَإِنَّ قَاذِفَهُ يُحَدُّ وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، لِأَنَّهُ يُعْلَمُ كَذِبُ قَاذِفِهِ فَلَا تَلْحَقُهُ مَعَرَّةٌ بِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>