للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا مِنْ جِنْسٍ مِثْلَ أَنْ حَلَقَ ثُمَّ حَلَقَ، أَوْ وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْأَوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ، لَزِمَهُ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ، وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا بَعْدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْأَثْرَمِ فِيمَنْ جَرَّدَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يَكُنِ مِنْهُ غَيْرُ التَّجْرِيدِ: عَلَيْهِ شَاةٌ، وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " عَلَى أَنَّهُ لَمْسٌ، فَإِنَّ التَّجْرِيدَ لَا يَخْلُو عَنْ لَمْسِ ظَاهِرٍ أَوْ أَنَّهُ أَمْنَى أَوْ أَمْذَى إِذْ مُجَرَّدُهُ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَنْظُرُ إِلَى نِسَائِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ، (وَإِنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ يَعْرِضُ لِلْمَرْءِ مِنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ وَلَا اخْتِيَارٍ؛ لِأَنَّهُ دُونَ النَّظَرِ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ: حُكْمُهُ حُكْمُ تَكْرَارِ النَّظَرِ إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْإِنْزَالُ لِقُدْرَتِهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ.

تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لِذِكْرِ النِّسْيَانِ، وَذَكَرَهُ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّوْمِ، وَالْمَذْهَبُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ، وَالنَّاسِي، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ نِسْيَانٌ غَالِبًا، وَيُفْسِدُ الْعِبَادَةَ أَيْ: الصَّوْمَ بِمُجَرَّدِهِ، وَالْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ كَالنَّاسِي، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ مَعَ سَهْوِهِ.

[حُكْمُ تَكَرُّرِ الْمَحْظُورِ مَنْ جِنْسٍ]

فَصْلٌ (وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا مِنْ جِنْسٍ مِثْلَ أَنْ حَلَقَ، ثُمَّ حَلَقَ، أَوْ وَطِئَ، ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْأَوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ سَوَاءٌ تَابَعَهُ أَوْ فَرَّقَ أَوْ وَطِئَهَا أَوْ غَيْرَهَا. فَظَاهِرُهُ لَوْ قَلَّمَ خَمْسَةَ أَظْفَارٍ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ لَزِمَهُ دَمٌ قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا بُنِيَتِ الْجُمْلَةُ فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ فِي تَدَاخُلِ الْفِدْيَةِ كَذَا الْوَاحِدُ عَلَى الْوَاحِدِ فِي تَكْمِيلِ الدَّمِ، وَلِأَنَّ مَا تَدَاخَلَ مُتَتَابِعًا تَدَاخَلَ مُتَفَرِّقًا كَالْأَحْدَاثِ وَالْحُدُودِ، وَلِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوَجَبَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً، وَلَمْ يُفَرِّقْ، (وَإِنْ كَفَّرَ عَنِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ إِحْرَامًا فَوَجَبَتْ كَالْأَوَّلِ، وَيُعْتَبَرُ بِالْحُدُودِ، وَالْأَيْمَانِ، وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةٌ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>