للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِحْصَارِ يُخْرِجُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ، وَأَمَّا الصِّيَامُ، فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ وَكُلُّ دَمٍ ذَكَرْنَاهُ يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ.

وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْإِحْصَارِ يُخْرِجُهُ حَيْثُ أُحْصِرَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أُحْصِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا هَدْيَهُمْ، وَحَلُّوا، وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ فَكَانَ مَوْضِعَ ذَبْحِهِ كَالْحَرَمِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَطْرَافِ الْحَرَمِ فَوَجْهَانِ، وَعَنْهُ: لَيْسَ لِلْمُحْصَرِ نَحْرُ هَدْيِهِ إِلَّا فِي الْحَرَمِ فَيَبْعَثُهُ إِلَى الْحَرَمِ، وَيُوَاطِئُ رَجُلًا عَلَى نَحْرِهِ فِي وَقْتِ تَحَلُّلِهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ النَّحْرُ فِي الْحَرَمِ أَشْبَهُ مَا لَوْ حُصِرَ فِيهِ، وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي " عَلَى مَا إِذَا كَانَ حَصْرُهُ خَاصًّا، وَأَمَّا الْحَصْرُ الْعَامُّ فَلَا، وَقَوْلُهُ {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَقَوْلُهُ {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣] فِي حق غير الْمُحْصَرِ، وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَحَلُّلَ الْمَحْصَرِ مِنَ الْحِلِّ، وَتَحَلُّلَ غَيْرِهِ مِنَ الْحَرَمِ فَكَلٌّ يَنْحَرُ فِي مَوْضِعِ تَحَلُّلِهِ.

(وَأَمَّا الصِّيَامُ) وَالْحَلْقُ وَهَدْيُ تَطَوُّعٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَمَا سُمِّيَ نُسُكًا (فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ لِعَدَمِ تَعَدِّي نَفْعِهِ، وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ بِخِلَافِ الْهَدْيِ.

(وَكُلُّ دَمٍ ذَكَرْنَاهُ يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ، وَفَسَّرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النُّسُكَ فِي خَبَرِ كَعْبٍ بِذَبْحِ شَاةٍ، وَالْبَاقِي مَقِيسٌ، فَإِنِ اخْتَارَ ذَبْحَ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَرُ لَحْمًا، وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ، وَيَلْزَمُهُ كُلُّهَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَمَا لَوِ اخْتَارَ الْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَقِيلَ: سُبُعُهَا، وَالْبَاقِي لَهُ أَكْلُهُ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَذَبْحِ سَبْعِ شِيَاهٍ، وَهُوَ كَالْأُضْحِيَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَا يُجْزِئُ مَا لَا يُضَحَّى بِهِ.

[تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ مَكَانَ الْبَدَنَةِ]

(وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ) لِقَوْلِ جَابِرٍ: «كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ فَقِيلَ لَهُ: وَالْبَقَرَةُ؟ فَقَالَ: وَهَلْ هِيَ إِلَّا مِنَ الْبُدْنِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَبِعَكْسِهَا. وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، وَنَصَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَرِوَايَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>