للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفِ اللَّيْلِ، أَجْزَأَهُ.

ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ.

وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ اسْتُعْمِلَ فِي عِبَادَةٍ فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ ثَانِيًا كَمَاءِ الْوُضُوءِ، وَلِأَخْذِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ الْمَرْمى، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَمَا احْتِيجَ إِلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ مَكَانِهِ، (وَيَرْمِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا لِقَوْلِ جَابِرٍ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُسَنُّ بَعْدَ الزَّوَالِ (فَإِنْ رَمَى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ) أَيْ: لَيْلَةَ الْأَضْحَى (أَجْزَأَهُ) لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ، وَأَفَاضَتْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: نَصُّهُ لِلرِّعَاءِ خَاصَّةً الرَّمْيَ لَيْلًا، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ كَبَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْأَخْبَارُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْاسْتِحْبَابِ فَإِنْ أَخَّرَهُ إِلَى آخَرِ النَّهَارِ جَازَ، فَإِنْ غَرَبَتْ قَبْلَهُ فَمِنْ غَدٍ بَعْدَ الزَّوَالِ.

[نَحْرُ الْهَدْيِ]

(ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا) وَاجِبًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا (إِنَّ كَانَ مَعَهُ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ أَيْ: بَقِيَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ» ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَاجِبٌ، اشْتَرَاهُ، وَنَحَرَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَحَبَّ الْأُضْحِيَةَ اشْتَرَى مَا يُضَحِّي بِهِ.

قَوْلُهُ " ثُمَّ يَنْحَرُ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِبِلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَيُذْبَحُ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْهَدْيِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِبِلِ اقْتِدَاءً بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا إِشْكَالَ فِي مَسْنُونِيَّتِهِ وَسَوْقِهِ وَوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ؛ لِيَجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَسَيَأْتِي.

[حَلْقُ الشَّعْرِ]

(وَيَحْلِقُ) بَعْدَ النَّحْرِ فَالْوَاوُ: بِمَعْنَى ثُمَّ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِنًى فَدَعَا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ ثم دَعَا بِالْحَلَّاقِ فَأَخَذَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ، ثُمَّ حَلَقَ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، فَمِنْ ثَمَّ تُسْتَحَبُّ الْبِدَاءَةُ بِأَيْمَنِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْلُغَ الْعَظْمَ الَّذِي عِنْدَ مُنْقَطَعِ الصُّدْغِ مِنَ الْوَجْهِ، وَيَسْتَقْبِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>