للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ.

وَالْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.

وَالْمَشْرُوعُ أَنْ يُذْبَحَ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَحْمَدُ: عَلَى مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ تَعْظِيمًا لِذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلِأَنَّهُ كَانَ مَمْنُوعًا قَبْلَهُ، فَاسْتُحِبَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْمُحْرِمِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

[تَعْرِيفُ العقيقة]

فَصْلٌ (وَالْعَقِيقَةُ) فِي الْأَصْلِ: شَعَرُ كُلِّ مَوْلُودٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ الَّذِي يُولَدُ وَهُوَ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَنَقَلَ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ الْأَصْمَعِيَّ قَالَ: هِيَ الشَّعَرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ، وَسُمِّيَتِ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ عَقِيقَةً عَلَى عَادَتِهِمْ، ومِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ سَبَبِهِ. ثُمَّ اشْتُهِرَ ذَلِكَ، فَلَا يُفْهَمُ مِنْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُهَا، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ هَذَا التَّفْسِيرَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَفَسَّرَهَا إِمَامُنَا بِأَنَّهَا الذَّبْحُ نَفْسُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقِّ الْقَطْعُ، وَمِنْهُ عَقَّ وَالِدَيْهِ أَيْ: قَطَعَهُمَا، وَالذَّبْحُ: قَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِّيُّ، وَهُوَ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. قَالَ أَحْمَدُ: الْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَنَقَلَهُ أَصْحَابُهُ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ، فَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ، وَقَالَ: مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ.» رَوَاهُ مَالِكٌ، وَعَنْهُ: وَاجِبَةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ وَأَبُو الْوَفَاءِ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَدَاوُدُ، لِمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٍ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُسَمَّى وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْهُ.

وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ، بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِالتَّسْمِيَةِ وَالْحَلْقِ، وَهِيَ سُنَّةٌ عَلَى الْأَبِ غَنِيًّا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ فَقِيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>