للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلُ وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ، وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ، وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ وَلَا يَجُوزُ إِحْرَاقُ نَحْلٍ وَلَا تَغْرِيقُهُ، وَلَا عَقْرُ دَابَّةٍ وَلَا شَاةٍ إِلَّا لِأَكْلٍ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[يَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ]

فَصْلٌ وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ لِمَا رَوَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ، قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْأَلُ عَنْ دِيَارِ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ؛ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَعْنَى تَبْيِيتِهِمْ: كَبْسُهُمْ لَيْلًا وَقَتْلُهُمْ، وَهُمْ غَارُّونَ. وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَتَلَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ إِذَا لَمْ يَقْصِدْهُ (وَرَمْيُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسَلًا، وَنَصَبَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَلِأَنَّ الرَّمْيَ بِهِ مُعْتَادٌ كَالسِّهَامِ. وَظَاهِرُهُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا. وَفِي " الْمُغْنِي " هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ. (وَقَطْعُ الْمِيَاهِ عَنْهُمْ) وَكَذَا السَّابِلَةُ. (وَهَدْمُ حُصُونِهِمْ) وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ " هَدْمُ عَامِرِهِمْ، وَهُوَ أَعَمُّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إِضْعَافُهُمْ وَإِرْهَابُهُمْ، لِيُجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ.

وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي يُلْقَى فِي نَهْرِهِمْ سُمٌّ لَعَلَّهُ يَشْرَبُ مِنْهُ مُسْلِمٌ، وَلَا يَجُوزُ إِحْرَاقُ نَحْلِ بِالْمُهْمَلَةِ (وَلَا تَغْرِيقُهُ) فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَى أَبَا هُرَيْرَةَ بِأَشْيَاءَ. قَالَ: «إِذَا غَزَوْتَ فَلَا تُحْرِقْ نَحْلًا، وَلَا تُغْرِقْهُ» ، وَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ نَحْوَهُ، وَلِأَنَّ قَتْلَهُ فَسَادٌ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ} [البقرة: ٢٠٥] الْآيَةَ وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو رُوحٍ فَلَا يَجُوزُ إِهْلَاكُهُ لِغَيْظِهِمْ كَنِسَائِهِمْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعَسَلِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَفِي أَخْذِ كُلِّ شَهْدِهِ بِحَيْثُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّحْلِ شَيْءٌ رِوَايَتَانِ (وَلَا عَقْرُ دَابَّةٍ وَلَا شَاةٍ إِلَّا لِأَكْلٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ) أَمَّا عَقْرُ دَوَابِّهِمْ لِغَيْرِ الْأَكْلِ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَرْبِ أَوْ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، إِذْ قَتْلُ بَهَائِمِهِمْ مِمَّا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى قَتْلِهِمْ وَهَزِيمَتِهِمْ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، لَمْ يَجُزْ

<<  <  ج: ص:  >  >>