للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

امْتَنَعَ مِنَ الِانْقِيَادِ مَعَهُ لِجُرْحٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلَهُ قَتْلُهُ. وَعَنِ الْوَقْفِ فِي الْمَرِيضِ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ حَيًّا ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُخَلِّيهِ وَلَا يَقْتُلُهُ. وَيَحْرُمُ قَتْلُ أَسِيرِ غَيْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ جَوَازَ قَتْلِهِ لِمَصْلَحَةٍ كَقَتْلِ بِلَالٍ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ أَسِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ خَالَفَ، وَفَعَلَ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ رَجُلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ امْرَأَةً، أَوْ صَبِيًّا، عَاقَبَهُ الْأَمِيرُ، وَغَرَمَ ثَمَنَهُ غَنِيمَةً؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ.

[حُكْمُ الْأَسْرَى]

(وَيُخَيَّرُ الْأَمِيرُ فِي الْأَسْرَى بَيْنَ الْقَتْلِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ رِجَالَ قُرَيْظَةَ، وَهُمْ بَيْنَ السِّتِّمِائَةٍ وَالسَّبْعِمِائَةٍ، وَقَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَفِيهِ تَقُولُ أُخْتُهُ:

مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ، وَرُبَّمَا ... مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ

فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ سَمِعْتُهُ مَا قَتَلْتُهُ» . وَالِاسْتِرْقَاقُ «لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ، وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ إِقْرَارُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِالْجِزْيَةِ فَبِالرِّقِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي صَغَارِهِمْ.

فَرْعٌ: لَا يُبْطِلُ الِاسْتِرْقَاقُ حَقًّا لِمُسْلِمٍ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَفِي " الِانْتِصَارِ " لَا يُسْقِطُ حَقَّ قَوْدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ. وَفِي سُقُوطِ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِضَعْفِهَا بِرِقِّهِ كَذِمَّةِ مَرِيضٍ احْتِمَالَانِ. وَفِي " الْبُلْغَةِ ": يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ إِلَّا أَنْ يَغْنَمَ بَعْدَ إِرْقَاقِهِ فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فَيَكُونُ رِقُّهُ كَمَوْتِهِ؛ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ حُلُولُهُ بِرِقِّهِ، وَإِنْ غُنِمَا مَعًا فَهُمَا لِلْغَانِمِ، وَدَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ. (وَالْمَنُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] وَلِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جِبَالِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ فَأَخَذَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْتَقَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} [الفتح: ٢٤] الْآيَةَ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>