للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ أَنْ يَنْفُلَ فِي الْبُدَاءَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ الْجَيْشُ بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ، وَإِذَا رَجَعَ بَعَثَ أُخْرَى، فَمَا أَتَتْ بِهِ أَخْرَجَ خُمُسَهُ، وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا جَعَلَ لَهَا، وَقَسَمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ السَّرِيَّةِ وَالْجَيْشِ مَعًا.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مَالٌ، وَيَأْخُذُهَا كَمَا لَوْ شَرَطَهَا دَابَّةً أَوْ مَتَاعًا فَأَمَّا حُرَّةُ الْأَصْلِ، فَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ جَرَى عَلَيْهَا فَلَا تُمْلَكُ كَالذِّمِّيَّةِ، وَلَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهَا كَالْمُسْلِمَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْلَا عَقْدُ الصُّلْحِ جَرَى عَلَيْهَا، لَكَانَتْ أَمَةً، وَجَازَ تَسْلِيمُهَا لَهُ، فَإِذَا رَضِيَ أَهْلُ الْحِصْنِ بِإِخْرَاجِهَا مِنَ الصُّلْحِ، وَتَسْلِيمِهَا إِلَيْهِ فَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَصِيرُ رَقِيقَةً.

فَرْعٌ: حَيْثُ أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ، وَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ، أُعْطِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَصَالِحِ.

[لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْفُلَ زِيَادَةً عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ]

(وَلَهُ أَنْ يَنْفُلَ) النَّفْلُ: الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ، وَمِنْهُ نَفْلُ الصَّلَاةِ (فِي الْبُدَاءَةِ) أَيْ: ابْتِدَاءُ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ (الرُّبُعَ) فَأَقَلَّ (بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ) فَأَقَلَّ (بَعْدَهُ) لِمَا رَوَى حَبِيبُ بْنُ سَلَمَةَ الْفِهْرِيُّ قَالَ: «شَهِدْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَّلَ الرُّبُعَ فِي الْبُدَاءَةِ، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَإِنَّمَا يَزِيدُ فِي الرَّجْعَةِ عَلَى الْبُدَاءَةِ لِمَشَقَّةِ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ الْجَيْشَ فِي الْبُدَاءَةِ رَدَءَ عَنِ السَّرِيَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُمْ يَشْتَاقُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَهَذَا أَكْثَرُ مَشَقَّةً. وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضَ إِلَى رَأْيِهِ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا شَرْطٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " (وَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ الْجَيْشُ بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ، وَإِذَا رَجَعَ بَعَثَ أُخْرَى، فَمَا أَتَتْ بِهِ، أَخْرَجَ خُمُسَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ وَلِمَا رَوَى حَبِيبُ بْنُ سَلَمَةَ الْفِهْرِيُّ. فَيُخَمَّسُ كَالْجَيْشِ (وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ مَا جُعِلَ لَهَا) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَفِّلَ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدَ الْخُمُسِ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَقَسَّمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ السَّرِيَّةِ وَالْجَيْشِ مَعًا) لِأَنَّ الْجَيْشَ يُشَارِكُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي السِّرِيَّةِ إِذَا نُفِّلَتْ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى مَنْ مَعَهَا، قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، إِذْ بِقُوَّتِهِمْ صَارَ إِلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>