للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْبَسُ بِهِ الْمُوسِرُ، وَيُنْظَرُ بِهِ الْمُعْسِرُ. وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِهِ، أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا، أَوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ وَيُهْدِيَ لَهُ لِيَدْفَعَ عَنْهُ الظُّلْمَ فِي خَرَاجِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِيَدَعَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا.

وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي إِسْقَاطِ الْخَرَاجِ عَنْ إِنْسَانٍ، جَازَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَقَلِّ مَا يُزْرَعُ، وَإِنَّ الْبَيَاضَ بَيْنَ النَّخْلِ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا خَرَاجُهَا، فَإِنْ ظُلِمَ فِي خَرَاجِهِ، لَمْ يَحْتَسِبْهُ مِنَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ ظُلِمَ، وَعَنْهُ: بَلَى؛ لِأَنَّ الْآخِذَ لَهُمَا وَاحِدٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

فَرْعٌ: إِذَا يَبِسَ الْكَرْمُ بِجَرَادٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَقَطَ مِنَ الْخَرَاجِ حَسْبَمَا تَعَطَّلَ مِنَ النَّفْعِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنِ النَّفْعُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، لَمْ تَجُزِ الْمُطَالَبَةُ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

[الْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ]

(وَالْخَرَاجُ) يَجِبُ (عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ) لِأَنَّهُ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَهِيَ لِلْمَالِكِ، كَفِطْرَةِ الْعَبْدِ، وَعَنْهُ: عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَالْعُشْرِ (وَهُوَ كَالدَّيْنِ) قَالَ أَحْمَدُ: يُؤَدِّيهِ، ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَقِيَ (يُحْبَسُ بِهِ الْمُوسِرُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ أَشْبَهَ أُجْرَةَ السَّاكِنِ (وَيُنْظَرُ بِهِ الْمُعْسِرُ) لِلنَّصِّ. (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِهِ أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا أَوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا) فَيَدْفَعُهَا إِلَى مَنْ يُعَمِّرُهَا وَيَقُومُ بِخَرَاجِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ تَعْطِيلُهَا عَلَيْهِمْ، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحَصِّلٌ لِلْغَرَضِ، فَلَا مَعْنًى لِلتَّعْيِينِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ فِي يَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالْخَرَاجِ، كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَتُنْقَلُ إِلَى وَارِثِهِ كَذَلِكَ، فَلَوِ آثَرَ بِهَا أَحَدًا، صَارَ الْبَانِي أَحَقَّ بِهَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خَرَاجَ عَلَى الْمَسَاكِنِ. وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمَزَارِعِ، وَإِنَّمَا كَانَ أَحْمَدُ يَمْسَحُ دَارَهُ وَيُخْرِجُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ أَرْضَ بَغْدَادَ حِينَ فُتِحَتْ كَانَتْ مَزَارِعَ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ بِأَرْضِ الْخَرَاجِ يَوْمَ وَقْفِهَا شَجَرٌ فَثَمَرُهُ الْمُسْتَقْبَلُ لِمَنْ يَقِرُّ فِي يَدِهِ، وَفِيهِ عُشْرُ الزَّكَاةِ كَالْمُتَجَدِّدِ فِيهَا، وَقِيلَ: هُوَ لِلْمَسَاكِينِ بِلَا عُشْرٍ. جَزَمَ بِهِ فِي " التَّرْغِيبِ " وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَا هُنَا، فَيَبْقَى مِلْكَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا عُشْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ.

(يَجُوزُ لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ وَيُهْدِيَ لَهُ لِيَدْفَعَ عَنْهُ الظُّلْمَ فِي خَرَاجِهِ) لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إِلَى كَفِّ الْيَدِ الْعَادِيَةِ عَنْهُ: فَالرِّشْوَةُ مَا أَعْطَاهُ بَعْدَ طَلَبِهِ، وَالْهَدِيَّةُ ابْتِدَاءٌ. قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " (وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِيَدَعَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا) لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>