للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الْعَشْرِ، بَطَلَ فِي الزِّيَادَةِ، وَفِي الْعَشْرِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا، لَمْ يَصِحَّ.

وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا، كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ رَدِّ النِّسَاءَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَعْلُومًا، كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَفِيهِ وَجْهٌ كَالْخِيَارِ، إِذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الطَّوِيلَةِ كَالْقَصِيرَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا تَجُوزُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فَجَازَتْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا كَمُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّهُ

إِنَّمَا جَازَ عَقْدُهَا لِلْمَصْلَحَةِ

، فَحَيْثُ وُجِدَتْ جَازَتْ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ. (وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ) قَالَ الْقَاضِي: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] الْآيَةَ، خُصَّ مِنْهُ الْعَشْرُ، لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ (فَإِنْ زَادَ عَلَى الْعَشْرِ، بَطَلَ فِي الزِّيَادَةِ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا. (وَفِي الْعَشْرِ رِوَايَتَانِ) مَبْنِيَّتَانِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا عَقَدَهَا مَجَّانًا مَعَ قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِظْهَارِهِمْ، لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةِ رَجَاءِ إِسْلَامِهِمْ، فَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَالَحَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ مَالٍ بَلْ لِمَصْلَحَةِ تَرْكِ قِتَالِهِمْ فِي الْحَرَمِ تَعْظِيمًا لِشَعَائِرِ اللَّهِ. وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لِلْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَا بَدَلٍ، وَفِي " الْإِرْشَادِ " وَ " الْمُبْهِجِ " وَ " الْمُحَرَّرِ " عَلَى الْمَنْعِ: يَجُوزُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢] وَفِيمَا فَوْقَهَا، وَدُونَ الْحَوْلِ وَجْهَانِ، فَأَمَّا الْحَوْلُ، فَلَا يَجُوزُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَجْهًا وَاحِدًا.

تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِمَالٍ مَنًّا إِلَّا لِضَرُورَةٍ شَدِيدَةٍ مِثْلَ أَنْ يُحَاطَ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي " الْفُنُونِ "

لِضَعْفِنَا مَعَ الْمَصْلَحَةِ

. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لِحَاجَةٍ، وَكَذَا قَالَهُ أَبُو يَعْلَى فِي " الْخِلَافِ " فِي الْمُؤَلَّفَةِ، وَاحْتَجَّ لِعَزْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى بَذْلِ شَطْرِ نَخْلِ الْمَدِينَةِ.

(وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ إِطْلَاقَ ذَلِكَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ؛ وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْهُدْنَةِ]

(وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، إِذْ هُوَ عَقْدٌ مُؤَقَّتٌ، فَكَانَ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَاطِلًا كَالْإِجَارَةِ. وَكَذَا إِنْ قَالَ: هَادَنْتُكُمْ مَا شِئْنَا أَوْ شَاءَ فُلَانٌ. لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ؛ لِقَوْلِهِ «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>