للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُفِنَ، نُبِشَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ.

وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ، كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ، فَإِنْ دَخَلُوا لِتِجَارَةٍ، لَمْ يُقِيمُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِهَتْكِهِ الْحَرَمَ بِدُخُولِهِ، وَمَحَلُّهِ مَا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْمَنْعِ؛ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا (هُدِّدَ) وَأُخْرِجَ (فَإِنْ مَرِضَ بِالْحَرَمِ أَوْ مَاتَ أُخْرِجَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ فِي حَيَاتِهِ، فَفِي مَرَضِهِ وَمَمَاتِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ أَعْظَمُ مِنْهُ (وَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ) لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى إِخْرَاجِ الْمَيِّتِ الْكَافِرِ مِنَ الْحَرَمِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُدْفَنْ. (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ) لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ نَقْلُهُ؛ لِأَنَّ جِيفَتَهُ حَصَلَتْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ فَتُرِكَ لِلْمَشَقَّةِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي " التَّرْغِيبِ ".

فَرْعٌ: إِذَا صَالَحَهُمُ الْإِمَامُ بِعِوَضٍ عَلَى الدُّخُولِ إِلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ، فَإِنِ اسْتَوْفَاهُ أَوْ بَعْضَهُ مَلَكَهُ، وَقِيلَ: يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَوْهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْعَقْدُ لَمْ يُوجِبِ الْعِوَضَ لِبُطْلَانِهِ.

[يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ]

(وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ) قِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الْيَمَامَةِ وَالْعُرُوضِ، وَبَيْنَ الْيَمَنِ وَنَجْدٍ، وَسُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ (كَالْمَدِينَةِ) وَقِيلَ: نِصْفُهَا تِهَامِيٌّ، وَنِصْفُهَا حِجَازِيٌّ (وَالْيَمَامَةِ) وَسُمِّيَ الْعُرُوضَ، وَكَانَ اسْمُهَا حُجْرًا، فَسُمِّيَتِ الْيَمَامَةَ بَاسِمِ امْرَأَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْيَمَامَةُ: الصَّقْعُ الْمَعْرُوفُ شَرْقِيَّ الْحِجَازِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنَ الْحِجَازِ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ (وَخَيْبَرَ) شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلَا أَتْرُكُ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُرَادُ: الْحِجَازُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَخْرَجَ أَحَدًا مِنَ الْيَمَنِ، وَتَيْمَاءَ، قَالَ أَحْمَدُ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ، وَمَا وَالَاهَا، وَكَذَا الْيَنْبُعُ وَفَدَكُ، وَمَخَالِيفُهَا مَعْرُوفٌ بِالْيَمَنِ تُسَمَّى بِهَا الْقُرَى الْمُجْتَمِعَةُ كَالرُّسْتَاقِ فِي غَيْرِهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَبُوكُ وَنَحْوُهَا، وَمَا دُونَ الْمُنْحَنَى، وَهُوَ عَقَبَةُ الصَّوَّانِ مِنَ الشَّامِ كَمَعَانٍ. وَلَهُمْ دُخُولُهُ، وَالْأَصَحُّ: بِإِذْنِ إِمَامٍ لِتِجَارَةٍ (فَإِنْ دَخَلُوا لِتِجَارَةٍ لَمْ يُقِيمُوا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>