للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ، أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِهِ، فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوِ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ]

فَصْلٌ (الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ) حَتَّى الْأَسِيرَ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالتَّامِّ لِيَخْرُجَ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَسَيَأْتِي (أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِهِ) وَقْتَ إِيجَابِهِ وَقَبُولِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَبِيعِ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْمَأْذُونِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِهِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى التَّوْكِيلِ لِكَوْنِ الْمُوَكِّلِ غَائِبًا، أَوْ مَحْبُوسًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ حُضُورُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَوْ لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ لَأَدَّى إِلَى الْحَرَجِ، وَالْمَشَقَّةِ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ شَرْعًا. لَا يُقَالُ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ جَوَابًا حِينَ سَأَلَهُ أَنَّهُ يَبِيعُ الشَّيْءَ وَيَمْضِي وَيَشْتَرِيهِ وَيُسَلِّمُهُ (فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوِ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ) أَوْ طَلَّقَ زَوْجَةَ غَيْرِهِ، أَوْ نَحْوَهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ (لَمْ يَصِحَّ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَالشَّيْءُ يَفُوتُ بِفَوَاتِ شَرْطِهِ (وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْملكِ) لِمَا رَوَى عُرْوَةُ بْنُ الْجَعْدِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا: بِدِينَارٍ، ثُمَّ جَاءَهُ بِالدِّينَارِ وَالشَّاةِ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّهُ عَقَدَ لَهُ مَجِيزٌ فِي حَالِ وُقُوعِهِ فَوَقَفَ عَلَى إِجَازَتِهِ كَالْوَصِيَّةِ لِأَجْنَبِيٍّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ وَاشْتَرَطَتْ إِجَازَةُ الْمَالِكِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَجِيزٌ فِي الْحَالِ، وَعَنْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفٍ غَاصِبٍ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عُرْوَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ مُطْلَقٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَلَّمَ وَتَسَلَّمَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ، وَالْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ بِاتِّفَاقٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>