للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُمْ غُبِنُوا غَبْنًا يَخْرُجُ عَنِ الْعَادَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: فِي النَّجْشِ، وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيُغِرَّ الْمُشْتَرِيَ فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا غُبِنَ.

وَالثَّالِثَةُ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَوْ ثَبَتَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَأَدَّى إِلَى بُطْلَانِ كَثِيرٍ مِنَ الْعُقُودِ.

فَائِدَةٌ: مُقْتَضَى النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ إِمَّا أَنْ يَكْذِبَ فِي سِعْرِ الْبَلَدِ فَيَكُونُ غَارًّا غَاشًّا، أَوْ يَسْكُتَ فَيَكُونُ مُدَلِّسًا خَادِعًا، فَلَوْ صَدَقَ فِي السِّعْرِ فَهَلْ يَثْبُتُ لِلرُّكْبَانِ الْخِيَارُ لِعُمُومِ النَّهْيِ، أَوْ لَا لِانْتِفَاءِ الْخَدِيعَةِ؛ فِيهِ احْتِمَالَانِ.

[الثَّانِيَةُ فِي النَّجْشِ]

(وَالثَّانِيَةُ: فِي النَّجْشِ) وَهُوَ بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ثم فسره بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيُغِرَّ الْمُشْتَرِيَ) قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: هُوَ خِدَاعٌ حَرَامٌ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَذْقِ الَّذِي زَادَ فِيهَا؛ لِأَنَّ تَغْرِيرَ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا، فَلَوْ كَانَ عَارِفًا وَاغْتَرَّ بِذَلِكَ، فَلَا خِيَارَ لَهُ لِعَجَلَتِهِ وَعَدَمِ تَأَمُّلِهِ (فَلَهُ الْخِيَارُ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَعُودُ إِلَى النَّاجِشِ لَا إِلَى الْعَاقِدِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْبَيْعِ، وَلِأَنَّ النَّهْيَ لِحَقِّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَبَيْعِ الْمُدَلِّسِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَظَاهِرُهُ يَثْبُتُ سَوَاءً كَانَ مُوَاطَأَةً مِنَ الْبَائِعِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ إِلَّا إِذَا كَانَ مُوَاطَأَةً مِنَ الْبَائِعِ، وَعَنْهُ: يَقَعُ لَازِمًا، فَلَا فَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضًى، ذَكَرَهَا فِي " الِانْتِصَارِ "، وَلَوْ أَخْبَرَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَانَ كَاذِبًا ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَفِي الْإِيضَاحِ يَبْطُلُ مَعَ عِلْمِهِ (إِذَا غُبِنَ) كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، إِذْ أَصْلُ النَّجْشِ الِاسْتِتَارُ وَالِاسْتِخْرَاجُ، وَمِنْهُ سُمِّي الصَّائِدُ نَاجِشًا لِاسْتِخْرَاجِهِ الصَّيْدَ مِنْ مَكَانِهِ، فَالزَّائِدُ فِيهَا اسْتُخْرِجَ مِنَ الْمُسْتَامِ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مَا لَا يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ: مَدْحُ الشَّيْءِ وَإِطْرَاؤُهُ، فَالنَّاجِشُ يَغُرُّ الْمُشْتَرِيَ بِمَدْحِهِ لِيَزِيدَ فِي الثَّمَنِ.

[الثَّالِثَةُ الْمُسْتَرْسِلُ]

(الثَّالِثَةُ: الْمُسْتَرْسِلُ) وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنِ اسْتَرْسَلَ إِذَا اطْمَأَنَّ وَاسْتَأْنَسَ لُغَةً، وَفَسَّرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يُمَاكِسُ، وَذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَالْجَدُّ: هُوَ الْجَاهِلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، زَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَلَا يُحْسِنُ الْمُبَايَعَةَ (إِذَا غَبِنَ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لِجَهْلِهِ بِالْبَيْعِ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، كَمَا سَبَقَ، وَقِيلَ: يَقَعُ لَازِمًا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>