للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ، وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ، وَفِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَعَنْهُ: الْمَنْعُ حَكَاهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ شِهَابٍ، وَأَبُو حَفْصٍ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ لِنَصِّهِ عَلَيْهِ فِي اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ بِالنَّقْصِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الرَّطْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْقُصَانِ، إِذِ الْجَهْلُ بِالتَّسَاوِي هُنَا كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالرَّطْبَانِ قَدِ اسْتَوَيَا فِي الْمِثْلِيَّةِ، فَدَخَلَا فِي عُمُومِ الْمُسْتَثْنَى، وَلِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْحَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالنَّقْصِ، أَشْبَهَ اللَّبَنَ بِمِثْلِهِ، وَخَرَجَ مِنْهُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَظَاهَرَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ التَّسَاوِي فِي الْحَالِ، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِهِ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يُشْتَرَطُ حَالًّا وَمَآلًا وَيُسْتَثْنَى عَلَيْهَا بَيْعُ رُطَبٍ لَا يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ، أَوْ عِنَبٌ لَا يَجِيءُ مِنْهُ زَبِيبٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ قَبْلَ جَفَافِهِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ كَمَالَ ذَلِكَ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ، وَفَسَادَهُ فِي حَالِ جَفَافِهِ. قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ ".

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ رَطْبًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَمَنَعَ مِنْهُ الْخِرَقِيُّ رَطْبًا، اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَيُعْتَبَرُ نَزْعُ عَظْمِهِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِيَتَحَقَّقَ الْمُسَاوَاةُ وَكَتَصْفِيَةِ الْعَسَلِ، وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ خِلَافَهُ.

وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، لِأَنَّ الْعَظْمَ تَابِعٌ لِلَّحْمِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، أَشْبَهَ النَّوَى فِي التَّمْرِ، بِخِلَافِ الشَّمْعِ فِي الْعَسَلِ؛ لِأَنَّهُ مَنْ فِعْلِ النَّحْلِ لَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَعَلَّلَ فِي " الْفُرُوعِ " بِأَنْ قَالَ: الشَّمْعُ مَقْصُودٌ، وَإِلَّا فَمُدُّ عَجْوَةٍ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ غَيْرُ مَقْصُودٍ، فَهُوَ كَخُبْزٍ بِخُبْزٍ، وَخَلٍّ بِخَلٍّ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِلْحٌ وَمَاءٌ.

[بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ]

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ) لِقَوْلِ أَنَسٍ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُحَاقَلَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَالْفَسَادَ (وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>