للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَانِ، وَلَا الْمُزَابَنَةِ، وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ.

إِلَّا فِي الْعَرَايَا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَبَّ إِذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ بِالْكَيْلِ، وَالْجَهْلُ بِالتَّسَاوِي كَالْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ، وَقَيَّدَ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ الْحَبَّ بِالْمُشْتَدِّ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ آخَرُونَ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ: الْمُحَاقَلَةُ: الْمُفَاعَلَةُ مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ الزَّرْعُ إِذَا تَشَعَّبَ قَبْلَ أَنْ يَغْلُظَ سُوقُهُ (وَفِي بَيْعِهِ) بِمَكِيلٍ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " لَا يَجُوزُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ بَيْعَ زَرْعِ الْحِنْطَةِ بِهَا إِنَّمَا سُمِّيَ مُحَاقَلَةً لِكَوْنِهِ فِي الْحَقْلِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَزْهَرِيِّ: الْحَقْلُ الْقَرَاحُ الْمَزْرُوعُ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لِخَوْفِ التَّفَاضُلِ الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْجِنْسَيْنِ (وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (الْمُزَابَنَةِ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمُزَابَنَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الزَّبْنِ، وَهُوَ الدَّفْعُ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَنْهُمَا يَزْبِنُ صَاحِبَهُ عَنْ حَقِّهِ بِمَا يَزْدَادُ مِنْهُ (وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ) ، وَقَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ «نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ» ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا.

وَقَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ هِيَ وَالزَّبْنُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ، إِذِ الزَّبْنُ فِي اللُّغَةِ الدَّفْعُ الشَّدِيدُ، وَمِنْهُ وُصِفَتِ الْحَرْبُ بِالزَّبُونِ لِشِدَّةِ الدَّفْعِ فِيهَا، وَمِنْهُ سُمِّيَ الشُّرَطِيُّ زَبِينًا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ النَّاسَ بِشِدَّةٍ، وَعُنْفٍ.

[جَوَازُ بَيْعِ الْعَرَايَا]

(إِلَّا فِي الْعَرَايَا) ، فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا» ، وَكَذَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ، وَالْقِيَاسُ لَا يَعْمَلُ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَالرُّخْصَةُ اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْحَاضِرِ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>