للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ الرَّهْنِ وَهُوَ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ لَازِمٌ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ جَائِزٌ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ يَجُوزُ عَقْدُهُ مَعَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

جَاهِهِ فَلَوْ قَالَ: اضْمَنْهَا عَنِّي وَلَكَ عَشَرَةٌ لَمْ يَجُزْ، نَصَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَيَكُونُ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَمنه الْأَزَجِيُّ.

الْخَامِسَةُ: إِذَا اقْتَرَضَ مِنْهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ بِهَا شَيْئًا فَخَرَجَتْ زُيُوفًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِبَدَلِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا دَرَاهِمُهُ فَعَيْبُهَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَدَلَ مَا أَقْرَضَهُ إِيَّاهُ بِصِفَتِهِ زُيُوفًا. قَالَهُ أَحْمَدُ، وَحَمَلَهُ فِي " الشَّرْحِ " عَلَى أَنَّهُ إِذَا بَاعَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ عَيْبَهَا. أَمَّا إِذَا بَاعَهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ قَبَضَ هَذِهِ بَدَلًا عَنْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ لَهُ دَرَاهِمُ خَالِيَةٌ مِنَ الْعَيْبِ وَتُرَدَّ هَذِهِ عَلَيْهِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَفَاءً عَنِ الْقَرْضِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ.

السَّادِسَةُ: لَوْ أَقْرَضَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا خَمْرًا، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا بَطَلَ الْقَرْضُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُقْتَرِضِ شَيْءٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[بَابُ الرَّهْنِ]

[تَعْرِيفُ الرهن وَحُكْمُهُ]

بَابُ الرَّهْنِ

هُوَ فِي اللُّغَةِ: الثُّبُوتُ، وَالدَّوَامُ يُقَالُ: مَاءٌ رَاهِنٌ أَيْ: رَاكِدٌ، وَنِعْمَةٌ رَاهِنَةٌ أَيْ: دَائِمَةٌ.

وَقِيلَ: هُوَ الْحَبْسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] أَيْ: مَحْبُوسَةٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ: لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ ثَابِتٌ فِي مَكَانٍ لَا يُزَايِلُهُ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَضْحَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا

شَبَّهَ لُزُومَ قَلْبِهِ لَهَا، وَاحْتِبَاسَهُ عِنْدَهَا لِوَجْدِهِ بِهَا بِالرَّهْنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْمُرْتَهِنُ فَيَحْبِسُهُ عِنْدَهُ، وَلَا يُفَارِقُهُ، وَغَلْقُ الرَّهْنِ: اسْتِحْقَاقُ الْمُرْتَهِنِ إِيَّاهُ لِعَجْزِ الرَّاهِنِ عَنْ فِكَاكِهِ (وَهُوَ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يُسْتَوْفَى مِنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَفَاءِ مِنَ الْمَدِينِ، فَعَلَى هَذَا هُوَ فِي الشَّرْعِ: جَعْلُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>