للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَدِ مُسْلِمٍ.

وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَاسْتِدَامَتُهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِي " الْفُرُوعِ " الْخِلَافَ وَهُمَا فِي رَهْنِ الْمُصْحَفِ لِكَافِرٍ إِذَا شَرَطَا كَوْنَهُ فِي يَدِ مُسْلِمٍ، وَأُلْحِقَتْ بِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ.

فَرْعٌ: لَا يَقْرَأُ فِيهِ أَحَدٌ بِلَا إِذْنِ رَبِّهِ.

وَقِيلَ: بَلَى إِنْ لَمْ يَضُرَّ مَالِيَّتَهُ، وَإِنْ طَلَبَ أَحَدٌ لِيَقْرَأَ فِيهِ لَمْ يَجِبْ بَدلهُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ

[لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إِلَّا بِالْقَبْضِ]

(وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ) فِي حَقِّ الرَّاهِنِ (إِلَّا بِالْقَبْضِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ فَافْتَقَرَ إِلَى الْقَبْضِ كَالْقَرْضِ وَسَوَاءٌ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ مَنِ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَغَيْرِهِمَا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَلْزَمُ فِي الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ بِالْقَبْضِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا رِوَايَتَانِ كَالْبَيْعِ، وَفِي الْقِيَاسِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي غَيْرِهِمَا لَا يَلْزَمُ فِي رِوَايَةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إِذْ لَا خِلَافَ فِي لُزُومِهِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ فَسْخُهُ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِكُلِّ نَوْعٍ، فَإِنْ كَانَ بِبَيْعٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا بَطَلَ حُكْمُ الرَّهْنِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ بِتَدْبِيرٍ، أَوْ إِجَارَةٍ، أَوْ تَزْوِيجٍ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْبَيْعِ، فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي " التَّذْكِرَةِ " تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَصِفَةُ قَبْضِهِ كَمَبِيعٍ، فَلَوْ رَهَنَهُ دَارًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلِلرَّاهِنِ فِيهَا قُمَاشٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهَا بِمِلْكِ الرَّاهِنِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ كَالثَّمَرَةِ فِي الشَّجَرَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ إِذْنُ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي الْأَشْهَرِ، وَيَبْطُلُ إِذْنُهُ بِنَحْوِ إِغْمَاءٍ وَخَرَسٍ، فَلَوْ رَهَنَهُ مَا فِي يَدِهِ، وَلَوْ غَصْبًا فَكَبَتَهُ إِيَّاهُ، وَيَزُولُ ضَمَانُهُ (وَاسْتِدَامَتُهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ) ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَلِأَنَّهَا إِحْدَى حَالَتَيِ الرَّهْنِ فَكَانَ الْقَبْضُ فِيهِ شَرْطًا كَالِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، فَإِنَّ الْقَبْضَ فِي ابْتِدَائِهَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ، فَإِذَا ثَبَتَ اسْتَغْنَى عَنِ الْقَبْضِ، وَالرَّهْنُ يُرَادُ لِلْوَثِيقَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ بَيْعِهِ وَاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ زَالَ ذَلِكَ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْقَبْضِ شَرْطٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>