للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الدَّيْنِ، أَوِ الرَّهْنِ، أَوْ رَدَّهُ أَوْ قَالَ: أَقْبَضْتُكَ عَصِيرًا قَالَ: بَلْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: يُحْتَمَلُ فَسَادُ الرَّهْنِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ إِنَّمَا بَذَلَ مِلْكَهُ بِهَذَا الشَّرْطِ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ أَفْضَى إِلَى أَخْذِ مَالِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، لَكِنْ تُرِكَ فِيهِ لِلْأَثَرِ، ثُمَّ إِذَا بَطَلَ وَكَانَ فِي بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِهِ لِأَخْذِهِ حَظًّا مِنَ الثَّمَنِ أَمْ لِانْفِرَادِهِ عَنْهُ كَمَهْرٍ فِي نِكَاحٍ احْتِمَالَانِ.

فَرْعٌ: إِذَا تَبَايَعَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ رَهْنًا عَلَى ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ. قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَ شَرَطَ رَهْنَهُ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ، وَسَوَاءٌ شَرَطَ أَنَّهُ يَقْبِضُهُ، ثُمَّ يَرْهَنُهُ، أَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَعَنْهُ: إِذَا حَبَسَ الْمَبِيعَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ فَهُوَ غَاصِبٌ، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الشَّرْطِ، وَحَمَلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا غَيْرَ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الرَّهْنَ، فَإِنْ لَمْ يَفِ لَهُ، وَإِلَّا فَسَخَ الْبَيْعَ.

[إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ أَوِ الرَّهْنِ]

فَصْلٌ (إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ رَهَنْتَنِي عَلَيْهَا عَبْدَكَ فُلَانًا فَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ هِيَ مِائَةٌ (أَوِ الرَّهْنِ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَذَا الْعَبْدُ، وَالْأَمَةُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ أَحَدُهُمَا. قُدِّمَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، فَكَذَا فِي صِفَتِهِ (أَوْ رَدَّهُ) بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَدَدْتُهُ إِلَيْكَ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ أَقْبِضْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، وَالْمُرْتَهِنُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَتِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَفِي " التَّذْكِرَةِ " أنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ مِنَ الْأُمَنَاءِ فِي الرَّدِّ لَمْ يَحْلِفْ، فَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ الرَّدَّ وَقَبِلَ قَوْلَهُ فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُ لِيُشْهِدَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، إِنْ حَلَفَ، وَإِلَّا فَلَا (أَوْ قَالَ: أَقْبَضْتُكَ عَصِيرًا قَالَ) الْمُرْتَهِنُ: (بَلْ خَمْرًا) فِي عَقْدٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ الرَّهْنُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ فَقُبِلَ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُعْتَرِفٌ بِعَقْدٍ وَقَبْضٍ، وَيَدَّعِي فَسَادَهُ، وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>