للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي الْحَيَاةِ، وَالْمَوْتِ، فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بَرِئَ الضَّامِنُ، وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أَوْ أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ لَمْ يَبْرَأِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَلَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يصح بِكُلِّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ الضَّمَانُ عُرْفًا.

[لِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ]

(وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فِي الْحَيَاةِ، وَالْمَوْتِ) أَيْ: لَا يَبْرَأُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بِنَفْسِ الضَّمَانِ، كَمَا يَبْرَأُ الْمُحِيلُ، بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي ذِمَّتِهِمَا لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ عَلَيْهِمَا، وَصِحَّةِ هِبَتِهِ لَهُمَا، وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: الْتَزَمْتُ وَتَكَفَّلْتُ بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ وِفَاقًا.

وَفِي " الِانْتِصَارِ " لَا ذِمَّةَ ضَامِنٍ؛ لِأَنَّ شَيْئًا وَاحِدًا لَا يَشْغَلُ مَحَلَّيْنِ وَرَدَ بِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِمَحَلَّيْنِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِيثَاقِ كَتَعَلُّقِ دَيْنِ الرَّهْنِ بِهِ وَبِذِمَّةِ الرَّاهِنِ كَذَا هُنَا، فَعَلَى هَذَا لِرَبِّهِ مُطَالَبَتُهُمَا مَعًا وَأَحَدُهُمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ، وَالْمَذْهَبُ حَيَاةً وَمَوْتًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» . وَلِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: «الْآنَ قَدْ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ» .

قَالَ أَحْمَدُ: يَأْخُذُ مَنْ شَاءَ بِحَقِّهِ.

(فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ) بِإِبْرَاءٍ، أَوْ قَضَاءٍ، أَوْ حَوَالَةٍ (بَرِئَ الضَّامِنُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، وَالضَّمَانُ وَثِيقَةٌ، فَإِذَا بَرِئَ الْأَصْلُ زَالَتِ الْوَثِيقَةُ كَالرَّهْنِ (وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ، أَوْ أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ لَمْ يَبْرَأِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ، فَلَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ التَّبَعِ، وَهَذَا إِذَا انْفَرَدَ الضَّامِنُ، فَلَوْ تَعَدَّدَ، صَحَّ، سَوَاءٌ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ، أَوْ جُزْءًا مِنْهُ، وَلَمْ يَبْرَأْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِإِبْرَاءِ الْآخَرِ، لَكِنْ لَوْ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْجَمِيعَ بَرِئَ الْكُلُّ بِأَدَاءِ أَحَدِهِمْ، وَبَرِئُوا بِإِبْرَاءِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُ الضَّامِنِينَ الْآخَرَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ بِضَمَانِهِ الْأَصْلَ فَهُوَ أَصْلٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ فَرْعًا بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهَا بِبَدَنِهِ لَا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ، فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ بِهِ لَا مِنْ إِحْضَارِ مَكْفُولٍ بِهِ (وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَأَسْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ، أَوِ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بَرِئَ هُوَ وَالضَّامِنُ مَعًا) إِذَا أَسْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ بَرِئَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>