للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الضَّامِنِ وَدَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ، وَغَيْرِهِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَإِنْ قَالَ: أَنَا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ وَأَطْلَقَ، ضَمِنَ وَحْدَهُ بِالْحِصَّةِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهَانِ بِهَا، أَوِ الْجَمِيعُ، وَإِنْ رَضُوا لَزِمَهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ، وَإِنْ قَالُوا: ضَمِنَّاهُ لَكَ فَبِالْحِصَّةِ، وَإِنْ قَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنُهُ لَكَ فَالْجَمِيعُ.

تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ ضَمَانُ السُّوقِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ، وَمَا يَقْبِضُهُ مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَتَجُوزُ كِتَابَتُهُ، وَالشَّهَادَةُ بِهِ لِمَنْ يَرَى جَوَازَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

قَالَ: وَيَصِحُّ ضَمَانُ حَارِسٍ وَنَحْوِهِ وَتُجَّارِ حَرْبٍ مَا يَذْهَبُ مِنَ الْبَلد، أَوِ الْبَحْرِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِضَمَانِ مَا لَمْ يَجِبْ.

[صِحَّةُ ضَمَانِ دَيْنِ الضَّامِنِ]

(وَيَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الضَّامِنِ) نَحْوُ أَنْ يَضْمَنَ ضَامِنٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَازِمٌ فِي ذِمَّتِهِ، فَصَحَّ ضمانه كَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي ذِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيُّهُمْ قَضَاهُ بَرِئَتْ ذِمَمُهُمْ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ، فَإِذَا سَقَطَ لَمْ يَجِبْ مَرَّةً أُخْرَى فَيَبْرَأُ الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْأَوَّلِ، وَلَا عَكْسَ، وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ إِذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ، وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ لَهُ رِوَايَتَانِ، فَلَوْ ضَمِنَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ الضَّامِنَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَقْتَضِي الْتِزَامَهُ الْحَقَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْحَقُّ لَازِمٌ لَهُ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْتِزَامُهُ ثَانِيًا، وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ، فَلَا يَصِيرُ فَرْعًا، لَكِنْ لَوْ ضَمِنَهُ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ جَازَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ بِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ، وَغَيْرِهِ) ، فَصَحَّ الضَّمَانُ عَنْ كُلِّ غَرِيمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ حَيًّا كَانَ، أَوْ مَيِّتًا، مَلِيئًا أَوْ مُفْلِسًا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ ضَمِنَ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَقَيَّدَ الْمَيِّتَ بِالْمُفْلِسِ تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ يَمْنَعُ صِحَّةَ ذَلِكَ (وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ) أَيْ: ذِمَّةُ الْمَيِّتِ (قَبْلَ الْقَضَاءِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» . «وَلَمَّا أَخْبَرَ أَبُو قَتَادَةَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَفَاءِ الدِّينَارَيْنِ فَقَالَ: الْآنَ بَرَدَتْ جِلْدَتُهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بَدَيْنٍ، فَلَمْ يَسْقُطْ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَالرَّهْنِ، وَالثَّانِيَةُ: وَنَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ يَبْرَأُ بِمُجَرَّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>